الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: لا ريب فيه الريب: الشك . والهدى: الإرشاد . والمتقون: المحترزون مما اتقوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وفرق شيخنا علي بن عبيد الله بين التقوى والورع ، فقال: التقوى: أخذ عدة ، والورع: دفع شبهة ، فالتقوى: متحقق السبب ، والورع: مظنون المسبب .

                                                                                                                                                                                                                                      واختلف العلماء في معنى هذه الآية على ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أن ظاهرها النفي ، ومعناها النهى ، وتقديرها: لا ينبغي لأحد أن يرتاب به لإتقانه وإحكامه . ومثله: ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء [ يوسف: 38 ] . أي: ما ينبغي لنا . ومثله: فلا رفث ولا فسوق [ البقرة: 196 ] وهذا مذهب الخليل ، وابن الأنباري .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 24 ] والثاني: أن معناها: لا ريب فيه أنه هدى للمتقين . قاله المبرد .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أن معناها: لا ريب فيه أنه من عند الله ، قاله مقاتل في آخرين .

                                                                                                                                                                                                                                      فإن قيل: فقد ارتاب به قوم . فالجواب أنه حق في نفسه ، فمن حقق النظر فيه علم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      ليس في الحق يا أمامة ريب [إنما الريب ما يقول الكذوب ]



                                                                                                                                                                                                                                      فإن قيل: فالمتقي مهتد ، فما فائدة اختصاص الهداية به؟

                                                                                                                                                                                                                                      فالجواب من وجهين . أحدهما: أنه أراد المتقين ، والكافرين ، فاكتفى بذكر أحد الفريقين ، كقوله تعالى: سرابيل تقيكم الحر [ النحل: 81 ] . أراد: والبرد .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه خص المتقين لانتفاعهم به ، كقوله: إنما أنت منذر من يخشاها [ النازعات: 45 ] . وكان منذرا لمن يخشى ولمن لا يخشى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية