الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - [ والمحكوم عليه فيها ] إما جزئيا معينا أو لا . صارت أربعة : شخصية ، وجزئية محصورة ، وكلية ، ومهملة . كل منها موجبة وسالبة . والمتحقق في المهملة الجزئية فأهملت .

            التالي السابق


            ش - هذه قسمة للقضية الحملية إلى الكلية والجزئية والمهملة والشخصية .

            وبيانه أن الجزء الأول فيها ، أي المحكوم عليه في القضية الحملية ، إما أن يكون جزئيا معينا ، أي مشخصا - واحترز به عن الإضافي - أو كليا . والأول تسمى : " شخصية " . كقولنا : هذه الصلاة صحيحة .

            والثاني إما أن يكون الحكم فيها على ما صدق عليه الكلي من الأفراد أو على نفس الكلي .

            والأول إما أن يبين فيها أن الحكم على كل الأفراد أو بعضها ، أو لم يبين . [ ص: 89 ] فإن بين تسمى : " جزئية محصورة " إن كان الحكم على البعض . وسورها - وهو : اللفظ الدال على كمية أفراد المحكوم عليه - " بعض " و " واحد " إن كانت موجبة كقولنا : [ بعض العبادة وضوء ] . و " ليس بعض " و " بعض ليس " و " ليس كل " إن كانت سالبة ، كقولنا : بعض العبادة ليس بوضوء .

            وإن كان الحكم على كل الأفراد ، تسمى : " قضية كلية " . وسورها " كل " إن كانت موجبة ، كقولنا : كل وضوء عبادة .

            و " لا شيء " و " لا واحد " و " ليس كل " إن كانت سالبة ، كقولنا : لا شيء من الوضوء بعبادة .

            وإن لم يبين فيها الحكم على ما صدق عليه الكلي من الأفراد أو على بعضه ، تسمى : " مهملة " . كقولنا : الإنسان في خسر .

            والثاني : هو أن يكون الحكم على نفس مفهوم الكلي ، لا على ما صدق عليها من الأفراد - تسمى : " طبيعية " إن كان الحكم على نفس مفهوم الكلي ، من غير قيد العموم . كقولنا : الإنسان جوهر .

            وتسمى : " عامة " إن كان الحكم فيها على نفس المفهوم بقيد العموم ، كقولنا : الإنسان نوع . فإن النوع إنما يصدق على الإنسان بقيد العموم .

            [ ص: 90 ] ولما لم يكن البحث فيهما ، أعني في القضية [ الطبيعية ] والعامة ، مفيدا ولهذا لم يتعرض لها في أحكام القضايا من العكوس والتناقض وغيرهما - أعرض المصنف عن ذكرهما في هذا التقسيم . فيبقى أربع قضايا : شخصية ، وجزئية محصورة ، وكلية ومهملة .

            وكل واحدة منها إما موجبة ، إن حكم فيها بثبوت أحد الطرفين للآخر . وإما سالبة ، إن حكم فيها برفع هذا الثبوت . فيصير ثمان قضايا .

            والمتحقق في المهملة ، الجزئية ، أي يلزم من صدق المهملة ، الجزئية وبالعكس .

            أما الأول ; فلأنه مهما صدق الحكم على ما صدق عليه الإنسان من الأفراد يصدق على بعض أفراد الإنسان ; لأن ما صدق عليه الإنسان من الأفراد ، إما كلها أو بعضها .

            [ وعلى التقديرين ] يصدق الحكم على البعض ، فيلزم صدق الجزئية . وأما الثاني ; فلأنه مهما صدق الحكم على بعض الإنسان ، صدق على ما صدق عليه الإنسان من الأفراد بالضرورة ، فيلزم صدق المهملة ; فيكون ذكر الجزئية في أحكام القضايا مغنيا عن ذكر المهملة ، فلذلك أهملت في أحكام القضايا ولم يتعرض لها .

            [ ص: 91 ] وما قيل : المهملة يحتمل صدقها كلية ، ويحتمل صدقها جزئية . وعلى التقديرين الجزئية متحققة والكلية محتملة .

            فلذلك لم يبين فيها الحكم عموما ولا خصوصا ، بل أهملت ، سهوا . وذلك لأن تحقق الجزئية في المهملة واحتمال الكلية فيها بسبب أن الحكم فيها لم يبين عموما ولا خصوصا ، بل أهملت ، فكيف يصح تعليل الإهمال بتحقق الجزئية واحتمال الكلية منها .




            الخدمات العلمية