nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108nindex.php?page=treesubj&link=28973_28908_28861أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل
أم حرف عطف مختص بالاستفهام وما في معناه وهو التسوية فإذا عطفت أحد مفردين مستفهما عن تعيين أحدهما استفهاما حقيقيا أو مسوى بينهما في احتمال الحصول فهي بمعنى أو العاطفة ويسميها النحاة متصلة ، وإذا وقعت عاطفة جملة دلت على انتقال من الكلام السابق إلى استفهام فتكون بمعنى بل الانتقالية ويسميها النحاة منقطعة والاستفهام ملازم لما بعدها في الحالين . وهي هنا منقطعة لا محالة لأن الاستفهامين اللذين قبلها في معنى الخبر لأنهما للتقرير كما تقدم إلا أن وقوعهما في صورة الاستفهام ولو للتقرير يحسن موقع أم بعدها كما هو الغالب ، والاستفهام الذي بعدهما هنا إنكار وتحذير ، والمناسبة في هذا الانتقال تامة فإن التقرير
[ ص: 666 ] الذي قبلها مراد منه التحذير من الغلط وأن يكونوا كمن لا يعلم ، والاستفهام الذي بعدها مراد منه التحذير كذلك والمحذر منه في الجميع مشترك في كونه من
nindex.php?page=treesubj&link=32424_31931أحوال اليهود المذمومة ولا يصح كون أم هنا متصلة لأن الاستفهامين اللذين قبلها ليسا على حقيقتهما لا محالة كما تقدم .
وقد جوز
القزويني في الكشف على الكشاف كون أم هنا متصلة بوجه مرجوح وتبعه
البيضاوي وتكلفا لذلك مما لا يساعد استعمال الكلام العربي ، وأفرط عبد الحكيم في حاشية
البيضاوي فزعم أن حملها على المتصلة أرجح لأنه الأصل لا سيما مع اتحاد فاعل الفعلين المتعاطفين بأم ولدلالته على أنهم إذا سألوا سؤال
قوم موسى فقد علموا أن الله على كل شيء قدير وإنما قصدوا التعنت وكان الجميع في غفلة عن عدم صلوحية الاستفهامين السابقين للحمل على حقيقة الاستفهام .
وقوله " تريدون " خطاب للمسلمين لا محالة بقرينة قوله " رسولكم " وليس كونه كذلك بمرجح كون الخطابين اللذين قبله متوجهين إلى المسلمين لأن انتقال الكلام بعد أم المنقطعة يسمح بانتقال الخطاب . وقوله تريدون يؤذن بأن السؤال لم يقع ولكنه ربما جاش في نفوس بعضهم أو ربما أثارته في نفوسهم شبه
اليهود في إنكارهم النسخ وإلقائهم شبهة البداء ونحو ذلك مما قد يبعث بعض المسلمين على سؤال النبيء - صلى الله عليه وسلم - . وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108كما سئل موسى تشبية وجهه أن في
nindex.php?page=treesubj&link=32425أسئلة بني إسرائيل موسى كثيرا من الأسئلة التي تفضي بهم إلى الكفر كقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138اجعل لنا إلها كما لهم آلهة أو من العجرفة كقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=55لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فيكون التحذير من تسلسل الأسئلة المفضي إلى مثل ذلك . ويجوز كونه راجعا إلى أسئلة
بني إسرائيل عما لا يعنيهم وعما يجر لهم المشقة كقولهم ما لونها ؟ وما هي ؟ ، قال
الفخر : إن المسلمين كانوا يسألون النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن أمور لا خير لهم في البحث عنها ليعلموها كما سأل
اليهود موسى اهـ .
وقد ذكر غيره أسبابا أخرى للنزول ، منها : أن المسلمين سألوا النبيء - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=treesubj&link=30842في غزوة خيبر لما مروا بذات الأنواط التي كانت للمشركين أن يجعل لهم مثلها ونحو هذا مما هو مبني على أخبار ضعيفة ، وكل ذلك تكلف لما لا حاجة إليه فإن الآية مسوقة مساق الإنكار التحذيري بدليل قوله " تريدون " قصدا للوصاية بالثقة بالله ورسوله والوصاية والتحذير لا يقتضيان
[ ص: 667 ] وقوع الفعل بل يقتضيان عدمه . والمقصود التحذير من تطرق الشك في صلاحية الأحكام المنسوخة قبل نسخها لا في صلاحية الأحكام الناسخة عند وقوعها . وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل تذييل للتحذير الماضي للدلالة على أن المحذر منه كفر أو يفضي إلى الكفر لأنه ينافي حرمة الرسول والثقة به وبحكم الله تعالى ، ويحتمل أن المراد بالكفر أحوال أهل الكفر أي لا تتبدلوا بآدابكم تقلد عوائد أهل الكفر في سؤالهم كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث الصحيحين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341147nindex.php?page=treesubj&link=30220فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم وإطلاق الكفر على أحوال أهله وإن لم تكن كفرا شائع في ألفاظ الشريعة وألفاظ السلف كما قالت
جميلة بنت عبد الله بن أبي زوجة ثابت بن قيس : إني أكره الكفر تريد الزنا ، فإن ذكر جملة بعد جملة يؤذن بمناسبة بين الجملتين فإذا لم يكن مدلول الجملتين واضح التناسب علم المخاطب أن هنالك مناسبة يرمز إليها البليغ فهنا تعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=9929الارتداد عن الإيمان إلى الكفر معنى كلي عام يندرج تحته سؤالهم الرسول كما سأل
بنو إسرائيل موسى فتكون تلك القضية كفرا وهو
nindex.php?page=treesubj&link=28914المقصود من التذييل المعرف في باب الإطناب بأنه تعقيب الجملة بجملة مشتملة على معناها تتنزل منزلة الحجة على مضمون الجملة وبذلك يحصل تأكيد معنى الجملة الأولى وزيادة ،
nindex.php?page=treesubj&link=28914فالتذييل ضرب من ضروب الإطناب من حيث يشتمل على تقرير معنى الجملة الأولى ويزيد عليه بفائدة جديدة لها تعلق بفائدة الجملة الأولى . وأبدعه ما أخرج مخرج الأمثال لما فيه من عموم الحكم ووجيز اللفظ مثل هاته الآية ، وقول
النابغة :
ولست بمستبق أخا لا تلمه على شعث أي الرجال المهذب
والمؤكد بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108ومن يتبدل الكفر بالإيمان هو مفهوم جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108أم تريدون أن تسألوا رسولكم مفهوم الجملة التي قبلها لا منطوقها فهي كالتذييل الذي في بيت
النابغة . والقول في تعدية فعل " يتبدل " مضى عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير وقد جعل قوله " فقد ضل " جوابا لمن الشرطية لأن المراد من الضلال أعظمه وهو الحاصل عقب تبدل الكفر بالإيمان ولا شبهة في كون الجواب مترتبا على الشرط ولا يريبك في ذلك وقوع جواب الشرط فعلا ماضيا مع أن الشرط إنما هو تعليق على المستقبل ولا اقتران الماضي بقد الدالة على تحقق المضي لأن هذا استعمال عربي جيد يأتون بالجزاء ماضيا لقصد
[ ص: 668 ] الدلالة على شدة ترتب الجزاء على الشرط وتحقق وقوعه معه حتى أنه عندما يحصل مضمون الشرط يكون الجزاء قد حصل فكأنه حاصل من قبل الشرط نحو "
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=81ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى " وعلى مثل هذا يحمل كل جزاء جاء ماضيا فإن القرينة عليه أن مضمون الجواب لا يحصل إلا بعد حصول الشرط وهم يجعلون قد علامة على هذا القصد ولهذا قلما خلا جواب ماض لشرط مضارع إلا والجواب مقترن بقد حتى قيل إن غير ذلك ضرورة ولم يقع في القرآن كما نص عليه الرضي بخلافه مع قد فكثير في القرآن .
وقد يجعلون الجزاء ماضيا مريدين أن حصول مضمون الشرط كاشف عن كون مضمون الجزاء قد حصل أو قد تذكره الناس نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=77إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل وعليه فيكون تحقيق الجزاء في مثله هو ما يتضمنه الجواب من معنى الانكشاف أو السبق أو غيرهما بحسب المقامات قبل أن يقدر ، فلا تعجب إذ قد سرق أخ له ويمكن تخريج هذه الآية على ذلك بأن يقدر
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108ومن يتبدل الكفر بالإيمان فالسبب فيه أنه قد كان ضل سواء السبيل حتى وقع في الارتداد كما تقول من وقع في المهواة فقد خبط خبط عشواء إن أريد بالماضي أنه حصل ،
nindex.php?page=treesubj&link=10015وأريد بالضلال ما حف بالمرتد من الشبهات والخذلان الذي أوصله إلى الارتداد وهو بعيد من غرض الآية . والسواء الوسط من كل شيء قال بلعاء بن قيس :
غشيته وهو في جأواء باسلة عضبا أصاب سواء الرأس فانفلقا
ووسط الطريق هو الطريق الجادة الواضحة لأنه يكون بين بنيات الطريق التي لا تنتهي إلى الغاية .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108nindex.php?page=treesubj&link=28973_28908_28861أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ
أَمْ حَرْفُ عَطْفٍ مُخْتَصٌّ بِالِاسْتِفْهَامِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ التَّسْوِيَةُ فَإِذَا عَطَفْتَ أَحَدَ مُفْرَدَيْنِ مُسْتَفْهِمًا عَنْ تَعْيِينِ أَحَدِهِمَا اسْتِفْهَامًا حَقِيقِيًّا أَوْ مُسَوًّى بَيْنَهُمَا فِي احْتِمَالِ الْحُصُولِ فَهِيَ بِمَعْنَى أَوِ الْعَاطِفَةِ وَيُسَمِّيهَا النُّحَاةُ مُتَّصِلَةً ، وَإِذَا وَقَعَتْ عَاطِفَةً جُمْلَةً دَلَّتْ عَلَى انْتِقَالٍ مِنَ الْكَلَامِ السَّابِقِ إِلَى اسْتِفْهَامٍ فَتَكُونُ بِمَعْنَى بَلِ الِانْتِقَالِيَّةِ وَيُسَمِّيهَا النُّحَاةُ مُنْقَطِعَةً وَالِاسْتِفْهَامُ مُلَازِمٌ لِمَا بَعْدَهَا فِي الْحَالَيْنِ . وَهِيَ هُنَا مُنْقَطِعَةٌ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهَا فِي مَعْنَى الْخَبَرُ لِأَنَّهُمَا لِلتَّقْرِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنَّ وُقُوعَهُمَا فِي صُورَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَلَوْ لِلتَّقْرِيرِ يَحْسُنُ مَوْقِعُ أَمْ بَعْدَهَا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ ، وَالِاسْتِفْهَامُ الَّذِي بَعْدَهُمَا هُنَا إِنْكَارٌ وَتَحْذِيرٌ ، وَالْمُنَاسَبَةُ فِي هَذَا الِانْتِقَالِ تَامَّةٌ فَإِنَّ التَّقْرِيرَ
[ ص: 666 ] الَّذِي قَبْلَهَا مُرَادٌ مِنْهُ التَّحْذِيرُ مِنَ الْغَلَطِ وَأَنْ يَكُونُوا كَمَنْ لَا يَعْلَمُ ، وَالِاسْتِفْهَامُ الَّذِي بَعْدَهَا مُرَادٌ مِنْهُ التَّحْذِيرُ كَذَلِكَ وَالْمُحَذَّرُ مِنْهُ فِي الْجَمِيعِ مُشْتَرَكٌ فِي كَوْنِهِ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=32424_31931أَحْوَالِ الْيَهُودِ الْمَذْمُومَةِ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ أَمْ هُنَا مُتَّصِلَةً لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهَا لَيْسَا عَلَى حَقِيقَتِهِمَا لَا مَحَالَةَ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَقَدْ جَوَّزَ
الْقَزْوِينِيُّ فِي الْكَشْفِ عَلَى الْكَشَّافِ كَوْنَ أَمْ هُنَا مُتَّصِلَةً بِوَجْهٍ مَرْجُوحٍ وَتَبِعَهُ
الْبَيْضَاوِيُّ وَتَكَلَّفَا لِذَلِكَ مِمَّا لَا يُسَاعِدُ اسْتِعْمَالَ الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ ، وَأَفْرَطَ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَاشِيَةِ
الْبَيْضَاوِيِّ فَزَعَمَ أَنَّ حَمْلَهَا عَلَى الْمُتَّصِلَةِ أَرْجَحُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ لَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ فَاعِلِ الْفِعْلَيْنِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِأَمْ وَلِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا سَأَلُوا سُؤَالَ
قَوْمِ مُوسَى فَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَإِنَّمَا قَصَدُوا التَّعَنُّتَ وَكَانَ الْجَمِيعُ فِي غَفْلَةٍ عَنْ عَدَمِ صَلُوحِيَّةِ الِاسْتِفْهَامَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِلْحَمْلِ عَلَى حَقِيقَةِ الِاسْتِفْهَامِ .
وَقَوْلُهُ " تُرِيدُونَ " خِطَابٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَا مَحَالَةَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ " رَسُولَكُمْ " وَلَيْسَ كَوْنِهِ كَذَلِكَ بِمُرَجَّحٍ كَوْنَ الْخِطَابَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ مُتَوَجِّهَيْنِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ انْتِقَالَ الْكَلَامِ بَعْدَ أَمِ الْمُنْقَطِعَةِ يَسْمَحُ بِانْتِقَالِ الْخِطَابِ . وَقَوْلُهُ تُرِيدُونَ يُؤْذَنُ بِأَنَّ السُّؤَالَ لَمْ يَقَعْ وَلَكِنَّهُ رُبَّمَا جَاشَ فِي نُفُوسِ بَعْضِهِمْ أَوْ رُبَّمَا أَثَارَتْهُ فِي نُفُوسِهِمْ شُبَهُ
الْيَهُودِ فِي إِنْكَارِهِمُ النَّسْخَ وَإِلْقَائِهِمْ شُبْهَةَ الْبَدَاءِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَبْعَثُ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى سُؤَالِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108كَمَا سُئِلَ مُوسَى تَشْبِيةٌ وَجْهُهُ أَنَّ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32425أَسْئِلَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى كَثِيرًا مِنَ الْأَسْئِلَةِ الَّتِي تُفْضِي بِهِمْ إِلَى الْكُفْرِ كَقَوْلِهِمُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمُ آلِهَةٌ أَوْ مِنَ الْعَجْرَفَةِ كَقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=55لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَيَكُونُ التَّحْذِيرُ مِنْ تَسَلْسُلِ الْأَسْئِلَةِ الْمُفْضِيَ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ . وَيَجُوزُ كَوْنُهُ رَاجِعًا إِلَى أَسْئِلَةِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ عَمَّا لَا يَعْنِيهِمْ وَعَمَّا يَجُرُّ لَهُمُ الْمَشَقَّةَ كَقَوْلِهِمْ مَا لَوْنُهَا ؟ وَمَا هِيَ ؟ ، قَالَ
الْفَخْرُ : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَسْأَلُونَ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أُمُورٍ لَا خَيْرَ لَهُمْ فِي الْبَحْثِ عَنْهَا لِيَعْلَمُوهَا كَمَا سَأَلَ
الْيَهُودُ مُوسَى اهـ .
وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ أَسْبَابًا أُخْرَى لِلنُّزُولِ ، مِنْهَا : أَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَأَلُوا النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=treesubj&link=30842فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ لَمَّا مَرُّوا بِذَاتِ الْأَنْوَاطِ الَّتِي كَانَتْ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ مِثْلَهَا وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَخْبَارٍ ضَعِيفَةٍ ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ لِمَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فَإِنَّ الْآيَةَ مَسُوقَةٌ مَسَاقَ الْإِنْكَارِ التَّحْذِيرِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " تُرِيدُونَ " قَصْدًا لِلْوِصَايَةِ بِالثِّقَةِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْوِصَايَةِ وَالتَّحْذِيرِ لَا يَقْتَضِيَانِ
[ ص: 667 ] وُقُوعَ الْفِعْلِ بَلْ يَقْتَضِيَانِ عَدَمَهُ . وَالْمَقْصُودُ التَّحْذِيرُ مِنْ تَطَرُّقِ الشَّكِّ فِي صَلَاحِيَّةِ الْأَحْكَامِ الْمَنْسُوخَةِ قَبْلَ نَسْخِهَا لَا فِي صَلَاحِيَّةِ الْأَحْكَامِ النَّاسِخَةِ عِنْدَ وُقُوعِهَا . وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ تَذْيِيلٌ لِلتَّحْذِيرِ الْمَاضِي لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْمُحَذَّرَ مِنْهُ كُفْرٌ أَوْ يُفْضِي إِلَى الْكُفْرِ لِأَنَّهُ يُنَافِي حُرْمَةَ الرَّسُولِ وَالثِّقَةَ بِهِ وَبِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُفْرِ أَحْوَالُ أَهْلِ الْكُفْرِ أَيْ لَا تَتَبَدَّلُوا بِآدَابِكُمْ تَقَلُّدَ عَوَائِدِ أَهْلِ الْكُفْرِ فِي سُؤَالِهِمْ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341147nindex.php?page=treesubj&link=30220فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ وَإِطْلَاقُ الْكُفْرِ عَلَى أَحْوَالِ أَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كُفْرًا شَائِعٌ فِي أَلْفَاظِ الشَّرِيعَةِ وَأَلْفَاظِ السَّلَفِ كَمَا قَالَتْ
جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ زَوْجَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ : إِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ تُرِيدُ الزِّنَا ، فَإِنَّ ذِكْرَ جُمْلَةٍ بَعْدَ جُمْلَةٍ يُؤْذِنُ بِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَدْلُولُ الْجُمْلَتَيْنِ وَاضِحَ التَّنَاسُبِ عَلِمَ الْمُخَاطَبُ أَنَّ هُنَالِكَ مُنَاسَبَةً يَرْمُزُ إِلَيْهَا الْبَلِيغُ فَهُنَا تَعْلَمُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=9929الِارْتِدَادَ عَنِ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ مَعْنًى كُلِّيٌّ عَامٌّ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ سُؤَالُهُمُ الرَّسُولَ كَمَا سَأَلَ
بَنُو إِسْرَائِيلَ مُوسَى فَتَكُونُ تِلْكَ الْقَضِيَّةُ كُفْرًا وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=28914الْمَقْصُودُ مِنَ التَّذْيِيلِ الْمُعَرَّفِ فِي بَابِ الْإِطْنَابِ بِأَنَّهُ تَعْقِيبُ الْجُمْلَةِ بِجُمْلَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَعْنَاهَا تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْحُجَّةِ عَلَى مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ تَأْكِيدُ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَزِيَادَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28914فَالتَّذْيِيلُ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ الْإِطْنَابِ مِنْ حَيْثُ يَشْتَمِلُ عَلَى تَقْرِيرِ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَيَزِيدُ عَلَيْهِ بِفَائِدَةٍ جَدِيدَةٍ لَهَا تَعَلُّقٌ بِفَائِدَةِ الْجُمْلَةِ الْأُولَى . وَأَبْدَعُهُ مَا أُخْرِجَ مُخْرَجَ الْأَمْثَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ عُمُومِ الْحُكْمِ وَوَجِيزِ اللَّفْظِ مِثْلَ هَاتِهِ الْآيَةِ ، وَقَوْلِ
النَّابِغَةِ :
وَلَسْتَ بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لَا تَلُمُّهُ عَلَى شَعَثٍ أَيُّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبُ
وَالْمُؤَكَّدُ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ هُوَ مَفْهُومُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ مَفْهُومُ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا لَا مَنْطُوقُهَا فَهِيَ كَالتَّذْيِيلِ الَّذِي فِي بَيْتِ
النَّابِغَةِ . وَالْقَوْلُ فِي تَعْدِيَةِ فِعْلِ " يَتَبَدَّلُ " مَضَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَقَدْ جُعِلَ قَوْلُهُ " فَقَدْ ضَلَّ " جَوَابًا لِمَنِ الشَّرْطِيَّةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الضَّلَالِ أَعْظَمُهُ وَهُوَ الْحَاصِلُ عَقِبَ تَبَدُّلِ الْكُفْرِ بِالْإِيمَانِ وَلَا شُبْهَةَ فِي كَوْنِ الْجَوَابِ مُتَرَتِّبًا عَلَى الشَّرْطِ وَلَا يُرِيبُكَ فِي ذَلِكَ وُقُوعُ جَوَابِ الشَّرْطِ فِعْلًا مَاضِيًا مَعَ أَنَّ الشَّرْطَ إِنَّمَا هُوَ تَعْلِيقٌ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا اقْتِرَانُ الْمَاضِي بِقَدِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحَقُّقِ الْمُضِيِّ لِأَنَّ هَذَا اسْتِعْمَالٌ عَرَبِيٌّ جَيِّدٌ يَأْتُونَ بِالْجَزَاءِ مَاضِيًا لِقَصْدِ
[ ص: 668 ] الدَّلَالَةِ عَلَى شِدَّةِ تَرَتُّبِ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ وَتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ مَعَهُ حَتَّى أَنَّهُ عِنْدَمَا يَحْصُلُ مَضْمُونُ الشَّرْطِ يَكُونُ الْجَزَاءُ قَدْ حَصَلَ فَكَأَنَّهُ حَاصِلٌ مِنْ قَبْلِ الشَّرْطِ نَحْوَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=81وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى " وَعَلَى مِثْلِ هَذَا يُحْمَلُ كُلُّ جَزَاءٍ جَاءَ مَاضِيًا فَإِنَّ الْقَرِينَةَ عَلَيْهِ أَنَّ مَضْمُونَ الْجَوَابِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بَعْدَ حُصُولِ الشَّرْطِ وَهُمْ يَجْعَلُونَ قَدْ عَلَامَةً عَلَى هَذَا الْقَصْدِ وَلِهَذَا قَلَّمَا خَلَا جَوَابٌ مَاضٍ لِشَرْطٍ مُضَارِعٍ إِلَّا وَالْجَوَابُ مُقْتَرِنٌ بِقَدْ حَتَّى قِيلَ إِنَّ غَيْرَ ذَلِكَ ضَرُورَةٌ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الرَّضِيُّ بِخِلَافِهِ مَعَ قَدْ فَكَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ .
وَقَدْ يَجْعَلُونَ الْجَزَاءَ مَاضِيًا مُرِيدِينَ أَنَّ حُصُولَ مَضْمُونِ الشَّرْطِ كَاشِفٌ عَنْ كَوْنِ مَضْمُونِ الْجَزَاءِ قَدْ حَصَلَ أَوْ قَدْ تَذَكَّرَهُ النَّاسُ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=77إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ تَحْقِيقُ الْجَزَاءِ فِي مِثْلِهِ هُوَ مَا يَتَضَمَّنُهُ الْجَوَابُ مِنْ مَعْنَى الِانْكِشَافِ أَوِ السَّبْقِ أَوْ غَيْرِهِمَا بِحَسَبِ الْمَقَامَاتِ قَبْلَ أَنْ يُقَدَّرَ ، فَلَا تَعْجَبْ إِذْ قَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُقَدَّرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ حَتَّى وَقَعَ فِي الِارْتِدَادِ كَمَا تَقُولُ مَنْ وَقَعَ فِي الْمَهْوَاةِ فَقَدْ خَبَطَ خَبْطَ عَشْوَاءٍ إِنْ أُرِيدَ بِالْمَاضِي أَنَّهُ حَصُلَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=10015وَأُرِيدَ بِالضَّلَالِ مَا حَفَّ بِالْمُرْتَدِّ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَالْخِذْلَانِ الَّذِي أَوْصَلَهُ إِلَى الِارْتِدَادِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ غَرَضِ الْآيَةِ . وَالسَّوَاءُ الْوَسَطُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَالَ بَلْعَاءُ بْنُ قَيْسٍ :
غَشَّيْتُهُ وَهُوَ فِي جَأْوَاءَ بَاسِلَةٍ عَضْبًا أَصَابَ سَوَاءَ الرَّأْسِ فَانْفَلَقَا
وَوَسَطُ الطَّرِيقِ هُوَ الطَّرِيقُ الْجَادَّةُ الْوَاضِحَةُ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَ بُنَيَّاتِ الطَّرِيقِ الَّتِي لَا تَنْتَهِي إِلَى الْغَايَةِ .