الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          باب فضل حلق الذكر والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر

                                          قال الله تعالى : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم .

                                          1447 - وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر ، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله عز وجل ، تنادوا : هلموا إلى حاجتكم ، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا ، فيسألهم ربهم - وهو أعلم - : ما يقول عبادي ؟ قال : يقولون : يسبحونك ، ويكبرونك ، ويحمدونك ، ويمجدونك ، فيقول : هل رأوني ؟ فيقولون : لا والله ما رأوك . فيقول : كيف لو رأوني ؟! قال : يقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة ، وأشد لك تمجيدا وأكثر لك تسبيحا . فيقول : فماذا يسألون ؟ قال : يقولون : يسألونك الجنة . قال : يقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا والله يا رب ما رأوها . قال : يقول : فكيف لو رأوها ؟ قال : يقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة . قال : فمم يتعوذون ؟ قال : يقولون : يتعوذون من النار . قال . فيقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا والله ما رأوها . فيقول : كيف لو رأوها ؟ قال : يقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة . قال : فيقول : [ ص: 333 ] فأشهدكم أني قد غفرت لهم . قال : يقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم ، إنما جاء لحاجة ، قال : هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم . متفق عليه .

                                          وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن لله ملائكة سيارة فضلا يتتبعون مجالس الذكر ، فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر ، قعدوا معهم ، وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء ، فيسألهم الله عز وجل - وهو أعلم - : من أين جئتم ؟ فيقولون : جئنا من عند عباد لك في الأرض : يسبحونك ، ويكبرونك ويهللونك ، ويحمدونك ، ويسألونك . قال : وماذا يسألوني ؟ قالوا : يسألونك جنتك : قال : وهل رأوا جنتي ؟ قالوا : لا ، أي رب . قال : فكيف لو رأوا جنتي ؟ قالوا : ويستجيرونك . قال : ومم يستجيروني ؟ قالوا : من نارك يا رب . قال : وهل رأوا ناري ؟ قالوا : لا ، قال : فكيف لو رأوا ناري ؟! قالوا ويستغفرونك . فيقول : قد غفرت لهم ، وأعطيتهم ما سألوا ، وأجرتهم مما استجاروا . قال : يقولون : رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم . فيقول : وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ! .

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية