الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          الثالث : أن تكون المنفعة مباحة مقصودة ، فلا تجوز الإجارة على الزنا والزمر والغناء ، ولا إجارة الدار لتجعل كنيسة أو بيت نار أو لبيع الخمر ، ولا يجوز الاستئجار على حمل الميتة والخمر ، وعنه : يصح ، ويكره أكل أجرته .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( الثالث : أن تكون المنفعة مباحة ) لغير ضرورة مقدور عليه ، قاله في " المحرر " ، و " الفروع " كإجارة دار يجعلها مسجدا ، وشجر لنشر ثيابه وقعوده بظله ( مقصودة ) فلا يجوز استئجار شمع ليتجمل به ويرده ، وطعام ليتجمل به على مائدته ثم يرده ، ولا ثوب يوضع على سرير الميت ، ذكره في " المغني " ، و " الشرح " ، ولأن ما لا يقصد لا يقابل بالعوض ، ويعتبر فيها أن تكون متقومة ، فلو استأجر تفاحة للشم لم يصح ، ومملوكة للمستأجر ، فلو اكترى دابة لركوب المؤجر فلا ، ذكره القاضي وأصحابه ( فلا تجوز الإجارة على الزنا والزمر [ ص: 74 ] والغناء ) لأن المنفعة المحرمة مطلوب عدمها ، وصحة الإجارة تنافيها ، إذ المنفعة المحرمة لا تقابل بالعوض في البيع ، فكذا في الإجارة أشبه إجارة أمته للزنا ، وحكاه ابن المنذر إجماعا في المغنية والنائحة ( ولا إجارة الدار لتجعل كنيسة أو بيت نار ) مع ظن الفعل سواء شرط ذلك في العقد أو لا ، والمراد بها النار التي يعبدها المجوس أو من يعبدها ( أو لبيع الخمر ) ولأنه فعل محرم فلم تجز الإجارة عليه كإجارة عبده للفجور ، ولما فيه من الإعانة على المعصية .

                                                                                                                          ( ولا يجوز الاستئجار على حمل الميتة ) أي للأكل ، ويستثنى منه المضطر ، قاله في " الرعاية " وغيرها ( والخمر ) أي للشرب ; لأنه عليه السلام لعن حاملها والمحمولة إليه ، ويصح لإلقائها وإراقتها ، وفي " الفروع " إن طرحها كأكلها ( وعنه : يصح ) لأنه لا يتعين عليه ( ويكره أكل أجرته ) لاختلاف العلماء في حرمته ، وعنه فيمن حمل خنزيرا لذمية أو خمرا لنصراني : أكره أكل أجرته ، ويقضى للحمال بالكراء ، فإن كان لمسلم فهو أشد ، قال القاضي : هذا محمول على أنه استأجره ليريقها ، فأما للشرب فمحظور لا يحل أخذ الأجر عليه ، وبعد في " المغني " هذا التأويل ، وفي " الرعاية " هل يأكل الأجر أو يتصدق به ؛ فيه وجهان .




                                                                                                                          الخدمات العلمية