الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              أخبرني جعفر بن محمد بن نصير - في كتابه - وحدثني عنه محمد بن إبراهيم بن نصر المنصوري ، ثنا إبراهيم بن بشار ، قال : وقف رجل صوفي على إبراهيم بن أدهم فقال : يا أبا إسحاق ! لم حجبت القلوب عن الله ؟ قال : لأنها أحبت [ ص: 13 ] ما أبغض الله ، أحبت الدنيا ومالت إلى دار الغرور واللهو واللعب ، وتركت العمل لدار فيها حياة الأبد ، في نعيم لا يزول ولا ينفد ، خالدا مخلدا في ملك سرمد لا نفاد له ولا انقطاع ، قال : وسمعت إبراهيم بن أدهم يقول : إذا أردت أن تعرف الشيء بفضله فاقلبه بضده ، فإذا أنت قد عرفت فضله ، اقلب الأمانة إلى الخيانة ، والصدق إلى الكذب ، والإيمان إلى الكفر ، فإذا أنت قد عرفت فضل ما أوتيت ، قال : وسمعت إبراهيم يقول : إن للموت كأسا لا يقوى على تجرعه إلا خائف وجل طائع كان يتوقعه ، فمن كان مطيعا فله الحياة والكرامة والنجاة من عذاب القبر ، ومن كان عاصيا نزل بين الحسرة والندامة يوم الصاخة والطامة ، قال إبراهيم بن بشار : فقلت لإبراهيم بن أدهم : أمر اليوم أعمل في الطين ، فقال : يا ابن بشار إنك طالب ومطلوب يطلبك من لا تفوته ، وتطلب ما قد كفيته ، كأنك بما غاب عنك قد كشف لك ، وكأنك بما أنت فيه قد نقلت عنه ، يا ابن بشار كأنك لم تر حريصا محروما ، ولا ذا فاقة مرزوقا ، ثم قال لي : ما لك حيلة ، قلت : لي عند البقال دانق ، قال : عز علي بك ، تملك دانقا وتطلب العمل ؟ قال : وسمعت إبراهيم ، يقول يوما لأبي ضمرة الصوفي - وقد رآه يضحك - : يا أبا ضمرة لا تطمعن فيما لا يكون ، فقلت له : يا أبا إسحاق أيش معنى هذا ؟ فقال : ما فهمته ؟ قلت : لا ، قال : لا تطمعن في بقائك وأنت تعلم أن مصيرك إلى الموت ، فلم يضحك من يموت ولا يدري إلى أين يصير بعد موته إلى جنة أم إلى نار ؟ ولا تيأس مما يكون ، إنك لا تدري أي وقت يكون الموت ، صباحا أو مساء ، بليل أو نهار ؟ ثم قال : أوه ، أوه ، ثم سقط مغشيا عليه .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا عبيد بن الوليد الدمشقي ، أخبرني أحمد بن يحيى أن إبراهيم بن أدهم قال : إن الصائم القائم المصلي الحاج المعتمر الغازي من أغنى نفسه عن الناس .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي [ ص: 14 ] حدثني إبراهيم بن بكر ، قال : سمعت أبا صالح الجدي يقول : سمعت إبراهيم بن أدهم ، يقول : المسألة مسألتان ، مسألة على أبواب الناس ، ومسألة يقول الرجل ألزم المسجد وأصلي وأصوم وأعبد الله ، فمن جاءني بشيء قبلته ، فهذه شر المسألتين ، وهذا قد ألحف في المسألة .

              حدثنا عبد الله ، ثنا أحمد ، ثنا أبو جعفر محمد بن مصعب ، حدثني أبو علي الجرجاني ، قال : سمعت إبراهيم يقول : نظرت إلى قاتل خالي بمكة - قتله وهو ساجد - قال : فوجس في قلبي عليه شيء ، فلم أزل أدير قلبي حتى أجاب أن لقيته فسلمت عليه واشتريت له طبقا من لطف فأهديت إليه ، قال : فسل ذلك عن قلبي .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية