الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - القائل به : لو لم يفده لأخبر عن الأعم بالأخص ؛ لتعذر الجنس والعهد ، فوجب جعله لمعهود ذهني بمعنى الكامل والمنتهي .

            قلنا : صحيح ، واللام للمبالغة . فأين الحصر ؟ .

            ( وأجيب : بل جعله لمعهود ذهني ، مثل أكلت الخبز ، ومثل زيد العالم هو المعروف ) .

            و ( أيضا ) يلزمه زيد العالم ، بعين ما ذكر ، وهو الذي نص عليه سيبويه في " زيد الرجل " .

            فإن زعم أنه يخبر بالأعم - فغلط ؛ لأن شرطه التنكير .

            وإن زعم أن اللام لزيد - فغلط ; لوجوب استقلاله [ ص: 487 ] بالتعريف منقطعا عن زيد ، كالموصول .

            التالي السابق


            ش - القائل بأن مثل : العالم زيد ، يفيد الحصر احتج بأنه لو لم يفد الحصر لزم أن يكون الإخبار عن الأعم بالأخص ، والتالي باطل .

            بيان الملازمة : أنه يتعذر أن يكون اللام للجنس أو العهد .

            أما الأول - فلأنه لا يصدق كل عالم زيد .

            وأما الثاني - فلعدم القرينة .

            فتعين أن يكون للماهية ، وهو أعم من جزئياته ، فيلزم الإخبار عن الأعم بالأخص ، فوجب جعل اللام لمعهود ذهني بمعنى الكامل والمنتهي في العلم ، ليندفع المحذور .

            أجاب بأن قولكم : وجب جعله لمعهود ذهني بمعنى الكامل والمنتهي صحيح ، واللام حينئذ تكون للمبالغة ، فلم يلزم منه الحصر .

            ثم قال المصنف : ويلزم الخصم أن قولنا : زيد العالم ، يفيد الحصر بعين ما ذكر ، وكون اللام للمبالغة هو الذي نص عليه [ ص: 488 ] سيبويه في " زيد الرجل " ؛ فإنه قال : اللام في " الرجل " للمبالغة وبيان أنه الكامل في الرجولية .

            فإن زعم الخصم أنه لا يتعذر أن يكون اللام للماهية في قولنا : زيد العالم ؛ إذ قد يخبر بالأعم عن الأخص بخلاف قولنا : العالم زيد ، فإنه يمتنع أن يخبر عن الأعم بالأخص - فهو غلط ؛ لأن شرط الإخبار عن الأخص بالأعم تنكير الأعم ، فحينئذ يتعذر أن يكون اللام في قولنا : زيد العالم ، للماهية .

            فإن زعم أنه لا يتعذر أن يكون اللام في قولنا : زيد العالم ، للعهد ; فإنه يجوز أن يكون لزيد بقرينة التقدم ، بخلاف قولنا : العالم زيد ؛ فإنه لا يجوز أن يكون اللام فيه لزيد ؛ إذ لا قرينة ، فهو غلط أيضا ; لوجوب استقلال الخبر بالتعريف منقطعا عن زيد ، كالموصول ; فإنه يستقل بالتعريف .

            وهذا الاستقلال يمنع كون اللام لزيد لتوقف تعريفه حينئذ على تقدم قرينة زيد .




            الخدمات العلمية