الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 251 ] قوله تعالى : وقضينا إلى بني إسرائيل الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وقضينا إلى بني إسرائيل . قال : أعلمناهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وقضينا إلى بني إسرائيل . قال : أخبرناهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وقضينا إلى بني إسرائيل . قال : قضينا عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين . قال : هذا تفسير الذي قبله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، والحاكم ، عن طاوس قال : كنت عند ابن عباس ومعنا رجل من القدرية، فقلت : إن أناسا يقولون : لا قدر . قال : أوفي القوم أحد منهم؟ قلت : لو كان، ما كنت تصنع به؟ قال : لو كان فيهم أحد منهم لأخذت برأسه، ثم قرأت عليه : وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : إن الله عهد إلى بني إسرائيل في [ ص: 252 ] التوراة : لتفسدن في الأرض مرتين . فكان أول الفسادين قتل زكريا، فبعث الله عليهم ملك النبط، فبعث الجنود وكانت أساورته أهل فارس، فهم أولو بأس شديد . فتحصنت بنو إسرائيل، وخرج فيهم بختنصر يتيما مسكينا، إنما خرج يستطعم، وتلطف حتى دخل المدينة، فأتى مجالسهم وهم يقولون : لو يعلم عدونا ما قذف في قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا . فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم، واشتد القيام على الجيش، فرجعوا، وذلك قول الله : فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد الآية . ثم إن بني إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط، فأصابوا منهم، واستنقذوا ما في أيديهم، فذلك قول الله : ثم رددنا لكم الكرة عليهم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر في "تاريخه" عن علي بن أبي طالب في قوله : لتفسدن في الأرض مرتين . قال : الأولى قتل زكريا، والآخرة قتل يحيى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله : لتفسدن في الأرض مرتين . قال : أفسدوا في المرة الأولى، فأرسل الله عليهم جالوت فقتلهم، وأفسدوا [ ص: 253 ] المرة الثانية فقتلوا يحيى بن زكريا، فبعث الله عليهم بختنصر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : بعث الله عليهم في الأولى جالوت، فجاس خلال ديارهم، وضرب عليهم الخراج والذل، فسألوا الله أن يبعث إليهم ملكا يقاتلون في سبيل الله، فبعث الله طالوت، فقاتلوا جالوت، فنصر الله بني إسرائيل، وقتل جالوت بيدي داود، ورجع إلى بني إسرائيل ملكهم، فلما أفسدوا بعث الله عليهم في المرة الآخرة بختنصر، فخرب المساجد وتبر ما علوا تتبيرا . قال الله بعد الأولى والآخرة : عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا . قال : فعادوا فسلط الله عليهم المؤمنين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق أبي هاشم العبدي، عن ابن عباس قال : ملك ما بين المشرق والمغرب أربعة، مؤمنان وكافران؛ أما الكافران، فالفرخان وبختنصر . فأنشأ أبو هاشم يحدث قال : وكان رجلا من أهل الشام صالحا، فقرأ هذه الآية : وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب إلى قوله : علوا [ ص: 254 ] كبيرا . قال : يا رب، أما الأولى فقد فاتتني، فأرني الآخرة . فأتي وهو قاعد في مصلاه قد خفق برأسه، فقيل : الذي سألت عنه ببابل واسمه بختنصر، فعرف الرجل أنه قد استجيب له، فاحتمل جرابا من دنانير، فأقبل حتى انتهى إلى بابل، فدخل على الفرخان فقال : إني قد جئت بمال، فأقسمه بين المساكين؟ فأمر به فأنزل، ثم جمعوهم له، فجعل يعطيهم ويسأله عن أسمائهم، حتى إذا فرغ ممن بحضرته قيل له : فإنه قد بقيت منهم بقايا في الرساتيق . فجعل يبعث فتاه، حتى إذا كان الليل رجع إليه، وأقرأه رجلا رجلا، فأتى على ذكر بختنصر فقال : قف، قف، كيف قلت؟ قال : بختنصر . قال : وما بختنصر هذا؟ قال : هو أشدهم فاقة، وهو مقعد يأتي عليه السفارون، فيلقي أحدهم إليه الكسرة، ويأخذ بأنفة . قال : فإني ملم به لا بد . قال الآخر : فإنما هو في خيمة له يحدث فيها، حتى أذهب [ ص: 255 ] فأقلبها وأغسله . قال : دونك هذه الدنانير . فأقبل إليه بالدنانير فأعطاه إياها، ثم رجع إلى صاحبه فجاء معه، فدخل الخيمة، فقال : ما اسمك؟ قال : بختنصر . قال : من سماك بختنصر؟ قال : من عسى أن يسميني إلا أمي؟ قال : فهل لك أحد؟ قال : لا والله، إني لههنا أخاف بالليل أن تأكلني الذئاب . قال : فأي الناس أحسن بلاء؟ قال : أنت . قال : أفرأيت إن ملكت يوما من دهر، أتجعل لي ألا تعصيني؟ قال : أي سيدي، لا يضرك ألا تهزأ بي . قال : أرأيت إن ملكت مرة، أتجعل لي ألا تعصيني؟ قال : أما هذه فلا أجعلها لك، ولكن سوف أكرمك كرامة لا أكرمها أحدا . قال : دونك هذه الدنانير . ثم انطلق فلحق بأرضه، فقام الآخر فاستوى على رجليه، ثم انطلق فاشترى حمارا وأرسانا، ثم جعل يستعرض تلك الأجم فيجزها فيبيعه، ثم قال : إلى متى هذا الشقاء؟ فعمد فباع ذلك الحمار وتلك الأرسان واكتسى كسوة، ثم أتى باب الملك، فجعل يشير عليهم بالرأي [ ص: 256 ] وترتفع منزلته، حتى انتهى إلى بواب الفرخان الذي يليه، فقال له الفرخان : قد ذكر لي رجل عندك، فما هو؟ قال : ما رأيت مثله قط . قال : ائتني به . فكلمه فأعجب به . قال : إن بيت المقدس تلك البلاد قد استعصوا علينا، وإنا باعثون إليهم بعثا، وإني باعث إلى البلاد من يختبرها . فنظر حينئذ إلى رجال من أهل الإرب والمكيدة، فبعثهم جواسيس، فلما فصلوا إذا بختنصر قد أتى بخرجيه على بغلة، قال : أين تريد؟ قال : معهم . قال : أفلا آذنتني فأبعثك عليهم؟ قال : لا . حتى إذا وقفوا بالأرض، قال : تفرقوا . وسأل بختنصر عن أفضل أهل البلد فدل عليه، فألقى خرجيه في داره، قال لصاحب المنزل : ألا تخبرني عن أهل بلادك . قال : على الخبير سقطت، هم قوم فيهم كتاب فلا يقيمونه، وأنبياء فلا يطيعونهم، وهم متفرقون . قال بختنصر كالمتعجب منهم : كتاب لا يقيمونه، وأنبياء لا يطيعونهم، وهم متفرقون! فكتبهن في ورقة وألقاها في خرجيه وقال : ارتحلوا . فأقبلوا، حتى قدموا على الفرخان [ ص: 257 ] فجعل يسأل كل رجل منهم، فجعل الرجل يقول : أتينا بلاد كذا، ولها حصن كذا، ولها نهر كذا . قال : يا بختنصر، ما تقول؟ قال : قدمنا أرضا على قوم لهم كتاب لا يقيمونه، وأنبياء لا يطيعونهم، وهم متفرقون . فأمن حينئذ، فندب الناس، وبعث إليهم سبعين ألفا، وأمر عليهم بختنصر، فساروا حتى إذا علوا في الأرض أدركهم البريد أن الفرخان قد مات ولم يستخلف أحدا . قال للناس : مكانكم . ثم أقبل على البريد حين قدم على الناس فقال : وكيف صنعتم؟ قالوا : كرهنا أن نقطع أمرا دونك . قال : إن الناس قد بايعوني . فبايعوه، ثم استخلف عليهم وكتب بينهم كتابا، ثم انطلق بهم سريعا حتى قدم على أصحابه، فأراهم الكتاب، فبايعوه وقالوا : ما بنا عنك رغبة . فساروا، فلما سمع أهل بيت المقدس تفرقوا وطاروا تحت كل كوكب، فشعث ما هناك، أي أفسد، وقتل من قتل، وخرب بيت المقدس، واستبى أبناء الأنبياء، فيهم دانيال . فسمع به صاحب [255ظ] الدنانير، فأتاه فقال : هل تعرفني؟ قال : نعم . فأدنى مجلسه ولم يشفعه في شيء حتى إذا نزل بابل لا ترد له راية، فكان كذلك ما شاء الله، [ ص: 258 ] ثم إنه رأى رؤيا أفظعته، فأصبح قد نسيها، قال : علي بالسحرة والكهنة . قال : أخبروني عن رؤيا رأيتها الليلة، والله لتخبرني بها أو لأقتلنكم . قالوا : ما هي؟ قال : قد نسيتها . قالوا : ما عندنا من هذا علم، إلا أن ترسل إلى أبناء الأنبياء . فأرسل إلى أبناء الأنبياء، قال : أخبروني عن رؤيا رأيتها . قالوا : وما هي؟ قال : نسيتها . قالوا : غيب، ولا يعلم الغيب إلا الله . قال : والله لتخبرني بها أو لأضربن أعناقكم . قالوا : فدعنا حتى نتوضأ ونصلي وندعو الله . قال : فافعلوا . فانطلقوا فأحسنوا الوضوء، وأتوا صعيدا طيبا، فدعوا الله فأخبروا بها، ثم رجعوا إليه فقالوا : رأيت كأن رأسك من ذهب، وصدرك من فخار، وبطنك من نحاس، ورجليك من حديد . قال : نعم . قال : فأخبروني بعبارتها أو لأقتلنكم . قالوا : فدعنا ندعو ربنا . قال اذهبوا . فدعوا ربهم فاستجاب لهم، فرجعوا إليه قالوا : رأيت كأن رأسك من ذهب، ملكك هذا يذهب عند رأس الحول من هذه الليلة . قال : ثم مه؟ قالوا : ثم يكون بعدك ملك يفخر على الناس، ثم يكون ملك يخشى على الناس شدته، ثم يكون [ ص: 259 ] ملك لا يقله شيء، إنما هو مثل الحديد . يعني الإسلام . فأمر بحصن فبني له بينه وبين السماء، ثم جعل ينطقه بمقاعد الرجال والأحراس، وقال لهم : إنما هي هذه الليلة لا يجوزن عليكم أحد وإن قال : أنا بختنصر . إلا قتلتموه مكانه من كان من الناس . فقعد كل أناس في مكانهم الذي وكلوا به، واهتاج بطنه من الليل، فكره أن يرى مقعده هناك، وضرب على أصمخة القوم فاستثقلوا نوما، فأتى عليهم وهم نيام، ثم أتى عليهم فاستيقظ بعضهم فقال : من هذا؟ قال : بختنصر . قال : هذا الذي حفي إلينا فيه الليلة . فضربه فقتله، فأصبح الخبيث قتيلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير نحوه أخصر منه عن سعيد بن جبير ، وعن السدي ، وعن وهب بن منبه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال : ظهر بختنصر على الشام، [ ص: 260 ] فخرب بيت المقدس وقتلهم، ثم أتى دمشق فوجد بها دما يغلي على كبا، فسألهم ما هذا الدم؟ قالوا : أدركنا آباءنا على هذا، وكلما ظهر عليه الكبا ظهر . فقتل على ذلك الدم سبعين ألفا من المسلمين وغيرهم فسكن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر عن الحسن : أن بختنصر لما قتل بني إسرائيل، وهدم بيت المقدس، وسار بسبايا بني إسرائيل إلى أرض بابل، فسامهم سوء العذاب، أراد أن يتناول السماء، فطلب حيلة يصعد بها، فسلط الله عليه بعوضة، فدخلت في منخره فوقعت في دماغه، فلم تزل تأكل دماغه وهو يضرب رأسه بالحجر حتى مات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن بني إسرائيل لما اعتدوا في السبت وعلوا وقتلوا الأنبياء، بعث الله عليهم ملك فارس بختنصر، وكان الله ملكه سبعمائة سنة، فسار إليهم حتى دخل بيت المقدس، فحاصرها وفتحها، وقتل على دم زكريا سبعين ألفا، ثم سبى أهلها والأبناء، وسلب حلي بيت المقدس، واستخرج منها سبعين ألفا ومائة ألف عجلة من حلي، حتى أورده بابل" . قال حذيفة : فقلت : يا رسول الله، لقد كان بيت المقدس عظيما عند الله؟ قال : "أجل . بناه سليمان بن داود من ذهب ودر وياقوت [ ص: 261 ] وزبرجد، وكان بلاطة ذهبا وبلاطة فضة، وعمده ذهبا، أعطاه الله ذلك وسخر له الشياطين يأتونه بهذه الأشياء في طرفة عين، فسار بختنصر بهذه الأشياء حتى نزل بها بابل، فأقام بنو إسرائيل في يديه مائة سنة يعذبهم المجوس وأبناء المجوس، فيهم الأنبياء وأبناء الأنبياء، ثم إن الله رحمهم، فأوحى إلى ملك من ملوك فارس يقال له : كورس . وكان مؤمنا، أن سر إلى بقايا بني إسرائيل حتى تستنقذهم . فسار كورس ببني إسرائيل وحلي بيت المقدس حتى رده إليه، فأقام بنو إسرائيل مطيعين لله مائة سنة، ثم إنهم عادوا في المعاصي، فسلط الله عليهم إبطنانحوس، فغزا ثانيا بمن غزا مع بختنصر، فغزا بني إسرائيل، حتى أتاهم بيت المقدس، فسبى أهلها، وأحرق بيت المقدس، وقال لهم : يا بني إسرائيل، إن عدتم في المعاصي، عدنا عليكم بالسباء . فعادوا في المعاصي، فسير الله عليهم السباء الثالث؛ ملك رومية يقال له : فاقس بن إسبايوس فغزاهم في البر والبحر، فسباهم، وسير حلي بيت المقدس، وأحرق بيت المقدس بالنيران" . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فهذا من صفة حلي بيت المقدس، ويرده [ ص: 262 ] المهدي إلى بيت المقدس، وهو ألف سفينة وسبعمائة سفينة، يرسى بها على يافا حتى تنقل إلى بيت المقدس، وبها يجتمع إليه الأولون والآخرون" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : كان إفسادهم الذي يفسدون في الأرض مرتين؛ قتل زكريا ويحيى بن زكريا، فسلط عليهم سابور ذا الأكتاف، ملكا من ملوك فارس، من قبل زكريا، وسلط عليهم بختنصر من قبل يحيى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد في قوله : فإذا جاء وعد أولاهما . قال : إذا جاء وعد أولى تينك المرتين اللتين قضينا إلى بني إسرائيل : لتفسدن في الأرض مرتين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد . قال جند أتوا من فارس يتجسسون من أخبارهم، ويسمعون حديثهم، معهم [ ص: 263 ] بختنصر، فوعى أحاديثهم من بين أصحابه، ثم رجعت فارس ولم يكن قتال، ونصرت عليهم بنو إسرائيل، فهذا وعد الأولى، فإذا جاء وعد الآخرة بعث ملك فارس ببابل جيشا، وأمر عليهم بختنصر، فدمروهم، فهذا وعد الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : فجاسوا . قال فمشوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة قال : أما المرة الأولى، فسلط عليهم جالوت، حتى بعث طالوت ومعه داود، فقتله داود، ثم رد الكرة لبني إسرائيل وجعلناكم أكثر نفيرا . أي عددا . وذلك في زمان داود، فإذا جاء وعد الآخرة آخر العقوبتين، ليسوءوا وجوهكم . قال ليقبحوا وجوهكم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة . قال : كما دخل عدوهم قبل ذلك، وليتبروا ما علوا تتبيرا . قال : يدمروا ما علوا تدميرا، فبعث الله عليهم في الآخرة بختنصر البابلي المجوسي أبغض خلق الله إليه، فسبى وقتل وخرب بيت المقدس، وسامهم سوء العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : كانت الآخرة أشد من الأولى بكثير، فإن الأولى كانت هزيمة فقط، والآخرة كان التدمير، وأحرق بختنصر [ ص: 264 ] التوراة حتى لم يترك فيها حرفا، وخرب المسجد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : تتبيرا . قال : تدميرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير قال : تبره وتبرنا، بالنبطية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : عسى ربكم أن يرحمكم . قال : كانت الرحمة التي وعدهم بعث محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : وإن عدتم عدنا . قال : فعادوا، فبعث الله عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم، فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا . قال : سجنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن النجار /في "تاريخه" عن أبي عمران الجوني في قوله : [ ص: 265 ] وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا . قال : سجنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا . يقول : جعل الله مأواهم فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : حصيرا . قال : يحصرون فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن في قوله : حصيرا . قال : فراشا ومهادا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية