الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الذي يتعلق بما بعد موت الزوج فأنواع ثلاثة : حكم المهر ، وحكم الميراث ، وحكم العدة إذا مات قبل البيان : .

                                                                                                                                أما حكم المهر فإن كانتا مدخولا بهما فلكل واحدة منهما جميع المهر ; لأن كل واحدة منهما تستحق جميع المهر منكوحة كانت أو مطلقة أما المنكوحة فلا شك فيها وأما المطلقة فلأنها مطلقة بعد الدخول وإن كانتا غير مدخول بهما فلهما مهر ونصف مهر بينهما ، لكل واحدة منهما ثلاثة أرباع المهر ; لأن كل واحدة منهما يحتمل أن تكون منكوحة ويحتمل أن تكون مطلقة فإن كانت منكوحة تستحق جميع المهر ; لأن الموت بمنزلة الدخول .

                                                                                                                                وإن كانت مطلقة تستحق النصف ; لأن النصف قد سقط بالطلاق قبل الدخول فلكل واحدة منهما كل المهر في حال والنصف في حال وليست إحداهما بأولى من الأخرى فيتنصف فيكون لكل واحدة ثلاثة أرباع مهر هذا إذا كان قد سمى لهما مهرا فإن كان لم يسم لهما مهرا فلهما مهر ومتعة بينهما ; لأن كل واحدة منهما إن كانت منكوحة فلها كمال مهر المثل ، وإن كانت مطلقة فلها كمال المتعة فكل واحدة منهما تستحق كمال مهر المثل في حال ولا تستحق شيئا من مهر المثل في حال .

                                                                                                                                وكذا المتعة فتتنصف كل واحدة [ ص: 227 ] منهما فيكون لهما مهر ومتعة بينهما لكل واحدة منهما نصف مهر المثل ونصف متعة وإن كان سمى لإحداهما مهرا ولم يسم للأخرى فللمسمى لها ثلاثة أرباع المهر وللتي لم يسم لها مهرا نصف مهر المثل ; لأن المسمى لها إذا كانت منكوحة فلها جميع المسمى وإن كانت مطلقة فلها النصف فيتنصف كل ذلك فيكون لها ثلاثة أرباع المهر المسمى .

                                                                                                                                والتي لم يسم لها إن كانت منكوحة فلها جميع مهر المثل وإن كانت مطلقة فليس لها من مهر المثل شيء فاستحقت في حال ولم تستحق شيئا منه في حال فيكون لها نصف مهر المثل والقياس أن يكون لها نصف المتعة أيضا وهو قول زفر وفي الاستحسان ليس لها إلا نصف مهر المثل .

                                                                                                                                ( وجه ) القياس أنها إن كانت منكوحة فلها كمال مهر المثل وإن كانت مطلقة فلها كمال المتعة فكان لها كمال مهر المثل في حال وكمال المتعة في حال فيتنصف كل واحدة منهما فيكون لها نصف مهر مثلها ونصف متعتها .

                                                                                                                                وجه الاستحسان أن نصف مهر المثل إذا وجب لها امتنع وجوب المتعة ; لأن المتعة بدل عن نصف مهر المثل ، والبدل والمبدل لا يجتمعان هذا إذا كانت المسمى لها مهر المثل معلومة فإن لم تكن معلومة فلها مهر وربع مهر إذا كان مهر مثلها سواء ويكون بينهما ; لأن كل واحدة منهما يحتمل أن تكون هي المسمى لها المهر فيكون لها ثلاثة أرباع المهر لما ذكرنا ، ويحتمل أن تكون غير المسمى لها المهر فيكون لها نصف مهر المثل ففي حال يجب ثلاثة أرباع المهر وفي حال يجب نصف المهر فيتنصف كل ذلك فيكون لهما مهر وربع مهر بينهما لكل واحدة منهما نصف مهر وثمن مهر نصف مهر المسمى وثمن مهر المثل ولا تجب المتعة استحسانا والقياس أن يجب نصف المتعة أيضا ويكون بينهما ، وهو قول زفر .

                                                                                                                                وجه القياس والاستحسان على نحو ما ذكرنا والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                وهذه المسائل تدل على أن الطلاق قد وقع في إحداهما غير عين وقت الإرسال حيث شاع فيهما بعد الموت إذ الواقع يشيع والله عز وجل الموفق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية