الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        الآيسة والصغيرة ، والتي ظهر حملها وغير الممسوسة ، لا بدعة في طلاقهن ، [ ص: 8 ] ولا سنة ؛ إذ ليس فيه تطويل عدة ، ولا ندم بسبب ولد . فلو كانت الحامل ترى الدم وقلنا : هو حيض ، فطلقها فيه ، لم يحرم على الصحيح . وقال أبو إسحاق : يحرم . وقد اشتهر في كلام الأصحاب أن الأربع المذكورات لا بدعة في طلاقهن ، ولا سنة ، وذلك للعبارات السابقة في تفسير السني والبدعي .

                                                                                                                                                                        وربما أفهم كلامهم ، أنهم يعنون بذلك أنهن لا يجتمع لهن حالتا سنة وبدعة ، بل لا يكون طلاقهن إلا سنيا ، وهذا يستمر على تفسير السني بالجائز ، والبدعي بالمحرم ، وقد يغني عن التفاسير الطويلة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        نكح حاملا من الزنى ووطئها ثم طلقها ، قال ابن الحداد وغيره : يكون الطلاق بدعيا ، لأن العدة تكون بعد وضع الحمل وانقضاء النفاس . ولو وطئت منكوحة بشبهة فحبلت ، فطلقها زوجها وهي طاهر ، فهو حرام لأنها لا تشرع عقبه في العدة ، وكذا لو لم تحبل ، فشرعت في عدة الشبهة فطلقها ، وقدمنا عدة الشبهة . وقيل : لا يحرم لأنه لم يوجد منه إضرار .

                                                                                                                                                                        ورجح المتولي التحريم ، إذا حبلت ، وعدمه إذا لم تحبل ، والأصح ، التحريم مطلقا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        طلقها في طهر لم يجامعها فيه ثم راجعها ، فله أن يطلقها ، وحكى القاضي حسين وجها ضعيفا : أنه يحرم طلاقها كيلا تكون الرجعة للطلاق ، وهذا سبب ثالث للطلاق على هذا الوجه .

                                                                                                                                                                        [ ص: 9 ] فرع

                                                                                                                                                                        لا تنقسم الفسوخ إلى سنة وبدعة ، لأنها شرعت لدفع مضار نادرة ، فلا يليق بها تكليف مراقبة الأوقات .

                                                                                                                                                                        قلت : ومما يتعلق بهذا ، لو أعتق أم ولده ، أو أمته الموطوءة في الحيض ، لا يكون بدعيا ، وإن طال زمن الاستبراء ، لأن مصلحة تنجيز العتق أعظم ، ذكره إبراهيم المروزي . ولو قسم لإحدى زوجتيه ، ثم طلق الأخرى قبل قسمها ، أثم وهذا سبب آخر لتحريم الطلاق ، وسبقت المسألة في كتاب القسم . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        لا بدعة في جمع الطلقات الثلاث ، لكن الأفضل تفريقهن على الأقراء ، أو الأشهر إن لم تكن ذات أقراء ، لتتمكن من الرجعة أو التجديد إن ندم ، فإن أراد أن يزيد في قرء على طلقة ، فرق على الأيام . وقيل : التفريق سنة ، وإن لم يكن الجمع بدعة ، والصحيح المنع .

                                                                                                                                                                        قلت : ولو كانت حاملا وأراد تطليقها ثلاثا ، فوجهان حكاهما في " البيان " أحدهما : يطلقها في كل شهر طلقة . والثاني ، وبه قال الشيخ أبو علي : يطلقها في الحال طلقة ويراجع ، فإذا طهرت من النفاس ، طلقها ثانية ، ثم إذا طهرت من الحيض طلقها ثالثة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية