الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيهات

الأول : لم يذكر المتقدمون ل ( أو ) هذه المعاني ، بل قالوا : هي لأحد الشيئين أو الأشياء . قال ابن هشام : وهو التحقيق ، والمعاني المذكورة مستفادة من القرائن .

الثاني : قال أبو البقاء : ( أو ) في النهي نقيضة ( أو ) في الإباحة ، فيجب اجتناب الأمرين ، كقوله : ولا تطع منهم آثما أو كفورا [ الإنسان : 24 ] ، فلا يجوز فعل أحدهما ، فلو جمع بينهما كان فعلا للمنهي عنه مرتين ; لأن كل واحد منهما أحدهما .

[ ص: 482 ] وقال غيره : ( أو ) في مثل هذا بمعنى الواو ، تفيد الجمع .

وقال الطيبي : الأولى أنها على بابها ، وإنما جاء التعميم فيهما من النهي الذي فيه معنى النفي ، والنكرة في سياق النفي تعم ; لأن المعنى قبل النهي : ( تطع آثما أو كفورا ) ، أي : واحدا منهما ، فإذا جاء النهي ورد على ما كان ثابتا ، فالمعنى : لا تطع واحدا منهما ، فالتعميم فيهما من جهة النهي ، وهي على بابها .

الثالث : لكون مبناها على عدم التشريك عاد الضمير إلى مفرديها بالإفراد ، بخلاف الواو ، وأما قوله تعالى : إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما [ النساء : 135 ] . فقيل : إنها بمعنى الواو .

وقيل : المعنى أن يكون الخصمان غنيين أو فقيرين .

فائدة : أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : كل شيء في القرآن ( أو ) فهو مخير ، فإذا كان فمن لم يجد فهو الأول فالأول .

وأخرج البيهقي في سننه ، عن ابن جريج قال : كل شيء في القرآن فيه ( أو ) فللتخيير ، إلا قوله : أن يقتلوا أو يصلبوا [ المائدة : 33 ] ليس بمخير فيها . قال الشافعي : وبهذا أقول .

أولى : في قوله تعالى : أولى لك فأولى [ القيامة : 34 ] ، وفي قوله تعالى : فأولى لهم [ محمد : 20 ] ، قال : في الصحاح : قولهم : ( أولى لك ) كلمة تهديد ووعيد ، قال الشاعر :


فأولى له ثم أولى له



قال : الأصمعي فمعناه قاربه ما يهلكه ، أي : نزل به . قال الجوهري : ولم يقل أحد فيها أحسن مما قال الأصمعي . .

وقال قوم : هو اسم فعل مبني ، ومعناه : وليك شر بعد شر ، و ( لك ) تبيين .

وقيل : هو علم للوعيد غير مصروف ، ولذا لم ينون ، وإن محله رفع على الابتداء ولك الخبر ، ووزنه على هذا ( فعلى ) ، والألف للإلحاق وقيل : ( أفعل ) .

وقيل : معناه الويل لك ، وأنه مقلوب منه ، والأصل ( أويل ) فأخر حرف العلة ، ومنه قول الخنساء :

[ ص: 483 ]

هممت لنفسي بعض الهموم     فأولى لنفسي أولى لها



وقيل : معناه : الذم لك أولى من تركه ، فحذف المبتدأ لكثرة دورانه في الكلام .

وقيل : المعنى : أنت أولى وأجدر بهذا العذاب .

وقال ثعلب : ( أولى لك ) في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك ، كأنه يقول : قد وليت الهلاك ، أو قد دانيت الهلاك ، أصله من الولي وهو القرب ، ومنه : قاتلوا الذين يلونكم [ التوبة : 123 ] ، أي : يقربون منكم .

وقال النحاس : العرب تقول : أولى لك ، أي : كدت تهلك ، وكأن تقديره : أولى لك الهلكة .

التالي السابق


الخدمات العلمية