الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3501 200 - حدثنا محمد بن رافع، حدثنا حسين، عن زائدة، عن أبي حصين، عن سعد بن عبيدة، قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان، فذكر عن محاسن عمله، قال: لعل ذاك يسوءك؟ قال: نعم. قال: فأرغم الله بأنفك، ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله، قال: هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: لعل ذاك يسوءك؟ قال: أجل. قال: فأرغم الله بأنفك. قال: انطلق فاجهد علي جهدك.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: " ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله "، فإن عبد الله بن عمر مدحه بأوصافه الحميدة، فيدل على أن له فضلا وفضيلة.

                                                                                                                                                                                  ومحمد بن رافع بن أبي زيد القشيري النيسابوري شيخ مسلم أيضا، وحسين هو ابن علي بن الوليد الجعفي الكوفي، وزائدة هو ابن قدامة، وأبو حصين بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين واسمه عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي، وسعد بن عبيدة أبو حمزة الكوفي السلمي. والحديث من أفراده.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فذكر محاسن عمله " أي: عمل عثمان، والمحاسن جمع حسن على غير القياس، كأنه جمع محسن، وكأنه ذكر للرجل إنفاق عثمان في جيش العسرة، وتسبيله بئر رومة وغير ذلك من محاسنه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " لعل ذاك يسوءك " أي: لعل ما ذكرت من محاسنه لا يطيب لك ويصعب عليك؟ قال: نعم، يسوءني.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فأرغم الله بأنفك " الباء فيه زائدة، يقال: أرغم الله أنفه أي: ألصقه بالرغام أي: أذله وأهانه، والرغام في الأصل التراب، فكأنه يقول: أسقطك الله على الأرض فيلصق وجهك بالرغام.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ثم سأله " عن علي أي: ثم سأل ذلك الرجل عبد الله بن عمر عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فذكر عبد الله محاسن عمله من شهوده بدرا وغيرها، وفتح خيبر على يديه، وقتله مرحبا اليهودي وغير ذلك.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال: هو ذاك بيته " أي: قال عبد الله هو أي: علي الذي بيته كان أوسط بيوت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يشير بذلك إلى أن لعلي منزلة عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من حيث إن بيته أوسط بيوت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وقيل: أحسنها بناء.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ثم قال - أي: عبد الله -: لعل ذاك يسوءك. قال الرجل: أجل. أي: نعم يسوءني، ثم رد عليه عبد الله بقوله: " أرغم الله بأنفك " مثل ما قال في الأول، ثم قال: انطلق أي: اذهب من عندي فاجهد علي بتشديد الياء جهدك أي: ابلغ غايتك في هذا الأمر، واعمل في حقي ما تستطيع وتقدر، فإني قلت حقا، وقائل الحق لا يبالي بما يقال في حقه من الأباطيل، وفي رواية عطاء بن السائب، عن سعد بن عبيد في هذا الحديث، فقال الرجل: فإني أبغضه. قال ابن عمر: أبغضك الله.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية