الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهذه هيئة صلاة المنفرد .

التالي السابق


(وهذه هيئة صلاة المنفرد) ، وهذه فوائد ينبغي التنبيه عليها، الأولى: نقل النووي في "الروضة": وإذا سلم الإمام التسليمة الأولى فقد انقطعت متابعة المأموم، وهو بالخيار، إن شاء سلم في الحال، وإن شاء استدام الجلوس للتعوذ والدعاء، وأطال ذلك. الثانية: ذكر النووي في "المجموع": قال الشافعي والأصحاب: إذا اقتصر الإمام على تسليمة سن للمأموم تسليمتان؛ لأنه خرج عن المتابعة بالأولى، بخلاف التشهد الأول، لو تركه الإمام لزم المأموم تركه؛ لأن المتابعة واجبة عليه قبل السلام .

الثالثة: قال الأردبيلي في "الأنوار": شرط التشهد رعاية الكلمات والحروف والتشديدات، والإعراب والمحل، وللألفاظ المخصوصة، وإسماع النفس كالفاتحة الرابعة، قال أصحابنا: يقصد المصلي بألفاظ التشهد معانيها مرادة له على وجه الإنشاء منه، وإن كانت على منوال حكاية سلام الله ورسوله، فكأنه يحيي الله تعالى ورسوله، ويسلم عليه وعلى نفسه وأوليائه. الخامسة: يجب مراعاة كلمات التشهد الثاني، فإن تركها لم تحسب، وقد جزم البغوي في فتاويه اشتراط أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، وأقره شارح "المهذب"، ونقله عياض عن الشافعي، وذكر الرافعي في شرح مسند الشافعي تبعا للحليمي أنها كبعض التشهد، فعلى هذا يكون عنده: لا يجب الترتيب بينهما. السادسة: قال النووي : ويستحب للمصلي أن يديم نظره إلى موضع سجوده، وقال بعض أصحابنا: يكره له تغميض العينين، والمختار أنه لا يكره إن لم يخف ضررا .

قلت: ذكر صاحب "القوت" و"العوارف" أن العينين تسجدان فينبغي فتحهما، وزاد أصحابنا: وأن يكون منتهى نظره في ركوعه إلى ظهر قدميه، وفي سجوده إلى أرنبة أنفه، وفي قعوده إلى مجمع فخذيه من ثوبه، ثم رأيت ذلك في كلام البغوي والمتولي، وذلك كله مقتضى الخشوع، فإن الخاشع لا يتكلف حركة عينيه أزيد مما هي عليه، وإذا تركت العين على ما هي عليه لا يتجاوز نظرها في الحالات المذكورة إلى غير المواضع المذكورة .

قلت: ويستثنى من قول النووي "إلى موضع سجوده" صلاة الجنازة، فإن المصلي عليها ينظر إليها، وكذا حالة التشهد، فإن السنة إذا رفع مسبحته أن لا يجاوز بصره إشارته، وكذا المصلي في المسجد الحرام ينظر إلى الكعبة، لكن صوب البلقيني أنه كغيره، وصرح الإسنوي أنه وجه ضعيف، والله أعلم .




الخدمات العلمية