الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية العاشرة :

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين } فيها أربع مسائل :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : التسبيح : هو ذكر الله تعالى بما هو عليه من صفات الجلال والتعظيم ، بالقلب اعتقادا ، وباللسان قولا .

                                                                                                                                                                                                              والمراد به ههنا الصلاة ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : نعلم ضيق صدرك بما تسمعه من تكذيبك ورد قولك ، ويناله أصحابك من إذاية أعدائك ; فافزع إلى الصلاة ، فهي غاية التسبيح ونهاية التقديس ، { وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة } ، وذلك تفسير قوله : { وكن من الساجدين } ، أي من المصلين وهي :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : فإن دعامة القربة في الصلاة حال السجود .

                                                                                                                                                                                                              وقد ظن بعض الناس أن المراد به ههنا الأمر بالسجود نفسه ، فيرى هذا الموضع محل سجود في القرآن .

                                                                                                                                                                                                              وقد شاهدت الإمام بمحراب زكريا من البيت المقدس طهره الله يسجد في هذا الموضع عند قراءته له في تراويح رمضان ، وسجدت معه فيها ، ولم يره جماهير العلماء . [ ص: 116 ]

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة : قوله : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } :

                                                                                                                                                                                                              أمره بعبادته إذا قصر عباده في خدمته ; فإن ذلك طب علته ، وهي كما قدمنا أشرف الخصال ، والتسمي بها أشرف الخطط .

                                                                                                                                                                                                              قال شيوخ المعاني : ألا تري كيف سمى الله بها رسوله عند أفضل منازله ، وهي الإسراء ، فقال : { سبحان الذي أسرى بعبده } ولم يقل نبيه ولا رسوله ، ولقد أحسن الشاعر فيما جاء به من اللفظ حيث يقول :

                                                                                                                                                                                                              يا قوم قلبي عند زهراء يعرفه السامع والرائي     لا تدعني إلا بيا عبدها
                                                                                                                                                                                                              فإنه أشرف أسمائي

                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : اليقين : الموت ، فأمره باستمرار العبادة أبدا ، وذلك مدة حياته ، وكان هذا أبلغ من قوله أبدا ، لاحتمال لفظة الأبد للحظة الواحدة ، ولجميع الأبد ، كما قال العبد الصالح : وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا .

                                                                                                                                                                                                              والدليل على أن اليقين الموت { أن أم العلاء الأنصارية وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرت أنهم اقتسموا المهاجرين قرعة ، فصار لنا عثمان بن مظعون قالت : فأنزلناه مع أبنائنا ، فوجع وجعه الذي مات فيه ، فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتي عليك ، لقد أكرمك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أن الله أكرمه ؟ قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله فمه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هو فقد جاءه اليقين ، والله إني لأرجو له الخير } . الحديث .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية