الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عصيان دمشق على جيش بن خمارويه ، وخلاف جنده عليه ، وقتله

في هذه السنة خرج جماعة من قواد جيش بن خمارويه عليه ، وجاهروا بالمخالفة ، وقالوا : لا نرضى بك أميرا ، فاعتزلنا حتى نولي عمك الإمارة . وكان سبب ذلك أنه لما ولي وكان صبيا قرب الأحداث ، والسفل ، وأخلد إلى استماع أقوالهم ، فغيروا نيته على قواده ، وأصحابه ، وصار يقع فيهم ويذمهم ، ويظهر العزم على الاستبدال بهم ، وأخذ نعمهم ، وأموالهم ، فاتفقوا عليه ليقتلوه ، ويقيموا عمه ، فبلغه ذلك ، فلم يكتمه بل أطلق لسانه فيهم ، ففارقه بعضهم ، وخلعه طغج بن جف أمير دمشق .

وسار القواد الذين فارقوه إلى بغداد ، وهم محمد بن إسحاق بن كنداجيق ، وخاقان المفلحي ، وبدر بن جف ، أخو طغج ، وغيرهم من قواد مصر ، فسلكوا البرية ، وتركوا أهاليهم ، وأموالهم ، فتاهوا أياما ، ومات من أصحابهم جماعة من العطش ، وخرجوا فوق الكوفة بمرحلتين ، وقدموا على المعتضد ، فخلع عليهم ، وأحسن إليهم .

[ ص: 491 ] وبقي سائر الجنود بمصر على خلافهم ابن خمارويه ، فسألهم كاتبه علي بن أحمد الماذرائي أن ينصرفوا يومهم ذلك ، ( فرجعوا ) ، فقتل جيش ( عمين له ، وبكر الجند إليه ، فرمى بالرأسين إليهم ، فهجم الجند عليه فقتلوه ) ونهبوا داره ونهبوا مصر وأحرقوها ، وأقعدوا أخاه هارون في الإمرة بعده ، فكانت ولايته تسعة أشهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية