الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ومن ملك من غير نقد ما لا يقوم بكفايته فليس بغني ولو كثرت قيمته ، قال أحمد : إذا كان له عقار أو ضيعة يستغلها عشرة آلاف أو أكثر لا يقيمه يعني لا يكفيه يأخذ من الزكاة ، وقال فيمن له أخت لا ينفق عليها زوجها : يعطيها ، فإن كان عندها حلي قيمته خمسون درهما فلا ، قيل له : الرجل يكون له الزرع القائم وليس عنده ما يحصده به أيأخذ من الزكاة ؟ قال : نعم يأخذ ، قال شيخنا : وفي معناه ما يحتاج إليه لإقامة مؤنته وإن لم ينفقه بعينه في المؤنة .

                                                                                                          قال في الخلاف : نص على أن الحلي كالدراهم في المنع ، وسبق ذلك ومن له كتب يحتاجها للحفظ والمطالعة أول زكاة الفطر .

                                                                                                          وقال عيسى بن جعفر لأبي عبد الله : الرجل [ ص: 589 ] له الصنعة يغل منها ما يقوته ثلاثة أشهر من أول السنة يأخذ [ من ] الصدقة ؟ قال : إذا نفدت ويأخذ من الزكاة تمام كفايته سنة . وعنه : يأخذ تمام كفايته دائما بمتجر أو آلة صنعة ونحو ذلك ، ولا يأخذ ما يصير به غنيا وإن كثر ( خ ) للآجري وشيخنا ، لمقارنة المانع ، كزيادة المدين والمكاتب على قضاء دينهما ، وإن ملك من النقد ما لا يقوم بكفايته فكغيره ، نقله مهنا ، واختاره ابن شهاب وأبو الخطاب وقالا : يأخذ كفايته دائما ، ونقل الجماعة : لا يأخذ من ملك خمسين درهما أو قيمتها ذهبا وإن كان محتاجا ، ويأخذ من لم يملكها وإن لم يكن محتاجا [ ص: 590 ] واختاره الأكثر ( خ ) قال ابن شهاب : اختاره أصحابنا ، ولا وجه له في المغني ، وإنما ذهب إليه أحمد رحمه الله ، لخبر ابن مسعود رضي الله عنه ، ولعله لما بان له ضعفه رجع عنه ، أو قال ذلك لقوم بأعيانهم كانوا يتجرون بالخمسين فتقوم بكفايتهم ، وأجاب غير ابن شهاب بضعف الخبر ، ثم حمله الشيخ وغيره على المسألة ، فتحرم المسألة ولا يحرم الأخذ ، وحمله صاحب المحرر على أنه عليه السلام قاله في وقت كانت الكفاية الغالبة فيه بخمسين درهما ، ولذلك جاء التقدير بأربعين وبخمس أواق وهي مائتان ، ووجه الجمع بين الكل ما ذكرنا .

                                                                                                          [ ص: 589 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 589 ] باب ذكر أصناف [ أهل ] الزكاة ( تنبيه ) قوله فيمن ملك مالا يقوم بكفايته : ونقل جماعة لا يأخذ من ملك خمسين درهما أو قيمتها ذهبا وإن كان محتاجا ، ويأخذ من لم يملكها وإن لم يكن محتاجا ، انتهى ، فقوله في الرواية " ويأخذ من لم يملكها وإن لم يكن محتاجا " فيه شيء ، إذ قد قال الأصحاب : لا يأخذ مع عدم الحاجة ، بلا خلاف ، وصرح به هنا في المغني والشرح وغيرهما ، قال الزركشي : وقد يقال : ظاهر الخرقي أن من له حرفة ولا يملك خمسين أو من ملك دونها ولا حرفة له أن له أخذ الزكاة وإن كان ذلك يقوم بكفايته ، وليس كذلك ، إذ من حصلت له الكفاية بصناعة وغيرها ليس له أخذها وإن لم يملك شيئا . وفي كلام الخرقي إيماء إليه ، إذ لفظ الفقير والمسكين يشعر بالحاجة ، ومن له كفاية ليس بمحتاج ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : وكلام المصنف في حد المسكين يدل عليه ، والله أعلم ، نبه على ذلك شيخنا في حواشيه . [ ص: 590 ]

                                                                                                          ( مسألة 1 ) قوله : ونقل جماعة : لا يأخذ من ملك خمسين درهما أو قيمتها ذهبا




                                                                                                          الخدمات العلمية