الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة السادسة : اتفق العلماء على أن العسل لا زكاة فيه ، وإن كان مطعوما مقتاتا ، ولكنه كما روي في ذكر النحل ذباب غيث ، وكما جاء في العنبر أنه شيء دسره البحر ، فأحدهما يطير في الهواء ، والآخر يطفو على الماء ، وكلاهما في هذا الحكم سواء ، وقد خص الله الزكاة بما خصها من الأموال المقتاتة ، والأعيان النامية ، حسبما بيناه منها في مواضعها فليقف عندها .

                                                                                                                                                                                                              وقد روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أنه قال : جاء كتاب من عمر بن عبد العزيز إلى أبي ، وهو بمنى ، ألا يأخذ من العسل ولا من الخيل صدقة . وقد قال علماؤنا : إن العسل طعام يخرج من حيوان فلم يجب فيه الزكاة كاللبن [ ص: 140 ] وليس هذا بشيء ; فإن الأصل الذي يخرج منه اللبن عين زكاتية ، وقد قضى حق النعمة فيه وحاز الاستيفاء لمنافعها ، بخلاف العسل ، فإنه لا زكاة في أصله ، فلا يصح اعتباره باللبن . وقد قال أبو حنيفة : تجب الزكاة في العسل ، محتجا بما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من العسل العشر } . والحديث لا أصل له ، اللهم إلا أن سعد بن أبي ذباب روى عنه أنه قال : { قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ; اجعل لقومي ما أسلموا عليه من أموالهم ، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعملني عليهم } ، ثم استعملني أبو بكر وعمر قال : فكلمت قومي في العسل ، فقلت لهم : زكوه ، فإنه لا خير في ثمرة لا تزكى . قالوا : كم ؟ فقلت : العشر . فأخذت منهم العشر ، فأتيت عمر فأخبرته ، فقبضه ، وباعه ، وجعله في صدقات المسلمين .

                                                                                                                                                                                                              فإن صح هذا كان بطواعيتهم صدقة نافلة ، وليس كلامنا في ذلك ، وإنما نحن في فرض أصل الصدقة عليه ، ولم يثبت ذلك فيه ، وفيما ذكرناه كفاية والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية