الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الحادية عشرة : قوله تعالى : { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون } . فيها مسألتان :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن في قول ، وللمخلوق والخالق في [ قول ] آخر ، معناه أن العبد المملوك الذي لا يقدر على شيء هو الكافر ، ومن رزقناه منا رزقا حسنا هو المؤمن ، آتاهما الله مالا كثيرا ورزقا واسعا ، فأما الكافر فبخل به وأمسك عليه ، وأما المؤمن فقلب به في ذات الله يمينا وشمالا هكذا وهكذا سرا وجهارا . وأما المعنى على ضرب المثل للمخلوق والخالق فهو عندهم أن العبد المملوك هو الصبي لا يقدر على شيء لغرارته وجهالته ، كما قال بعد ذلك : { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا } . وضرب المثل بقوله : { ومن رزقناه منا رزقا حسنا } لله .

                                                                                                                                                                                                              وقد ضرب الله الأمثال لنفسه على وجه بديع بيناه في قانون التأويل ، ولم يأذن لأحد من الخلق فيه ، وقال : { فلا تضربوا لله الأمثال } [ يعني لا تضربوا ] أنتم الأمثال لله ; فإن الله يعلم ما يقول ويريد ، وأنتم لا تعلمون ما تقولون وما تريدون ، إلا إذا علمتم وأذن لكم في القول .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية