الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 152 ] وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سنان بن ثابت بن قرة الصابئ

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو سعيد المتطبب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ، أسلم على يد القاهر بالله ، ولم يسلم ولده ولا أحد من أهل بيته ، وقد كان مقدما في الطب وفي علوم كثيرة . وكانت وفاته في ذي القعدة من هذه السنة بعلة الذرب ، فلم تغن عنه صناعته شيئا حين جاءه الموت . وما أحسن ما قال بعض الشعراء في هذا المعنى :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قل للذي صنع الدواء بكفه أترد مقدورا عليك قد جرى     مات المداوى والمداوي والذي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صنع الدواء بكفه ومن اشترى



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو الحسن الأشعري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكر ابن الجوزي في " المنتظم " وفاة الأشعري في هذه السنة ، وتكلم فيه ، وحط عليه كما جرت عادة الحنابلة ، يتكلمون في الأشعرية قديما وحديثا . وذكر أنه ولد سنة ستين ومائتين ، وأنه توفي في هذه السنة ، وأنه صحب الجبائي أربعين سنة ، ثم رجع عنه ، وأنه توفي ببغداد ، ودفن بمشرعة الروايا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 153 ] محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة بن الصلت السدوسي مولاهم أبو بكر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سمع جده وعباسا الدوري وغيرهما ، وعنه أبو عمر بن مهدي ، وكان ثقة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروى الخطيب أن والد محمد هذا حين ولد أخذ طالع مولده المنجمون ، فحسبوا عمره ، وقالوا : إنه يعيش كذا وكذا . فأرصد له أبوه حبا ، فيه عن كل يوم من عمره دينار ، ثم أرصد له حبا آخر كذلك ، ثم آخر كذلك ، فكان يعدل كل يوم بثلاثة دنانير ، ومع هذا ما أفاده شيئا ، بل افتقر حتى صار يستعطي من الناس ، وكان يحضر مجلس السماع عليه بلا إزار ، يتصدق عليه أهل المجلس بشيء يقوم بأوده . والسعيد من أسعده الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن مخلد بن حفص أبو عمر الدوري العطار

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان يسكن الدور ، وهي محلة بطرف بغداد سمع الحسن بن عرفة والزبير بن بكار ومسلم بن الحجاج وغيرهم ، وعنه الدارقطني وجماعة من الحفاظ ، وكان ثقة ، فهما ، واسع الرواية ، مشكور الديانة ، مشهورا بالعبادة . وكانت وفاته في جمادى الآخرة من هذه السنة ، وقد استكمل سبعا وتسعين سنة وثمانية أشهر وأحدا وعشرين يوما .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 154 ] المجنون البغدادي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      روى ابن الجوزي من طريق أبي بكر الشبلي ، قال : رأيت مجنونا عند جامع الرصافة وهو عريان ، وهو يقول : أنا مجنون الله ، أنا مجنون الله ، فقلت له : ما لك ؟ ألا تستتر وتدخل الجامع وتصلي ؟ فأنشأ يقول :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يقولون زرنا واقض واجب حقنا     وقد أسقطت حالي حقوقهم عني
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إذا هم رأوا حالي ولم يأنفوا لها     ولم يأنفوا منها أنفت لهم مني



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية