الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
771 - وعن أبي بن كعب رضي الله عنه ، قال : الصلاة في الثوب الواحد سنة ، كنا نفعله مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يعاب علينا ، فقال ابن مسعود : إنما كان ذاك إذ كان في الثياب قلة ، فأما إذا وسع الله ، فالصلاة في الثوبين أزكى ، رواه أحمد

771 - ( وعن أبي بن كعب قال : الصلاة في الثوب الواحد سنة ) : أي : جائز بالسنة وإن كانت في الثوبين أفضل كما يأتي عن ابن مسعود ، فلا تنافي بينهما ، أي : ( كنا نفعله ) : أي : ما ذكر من الصلاة في الثوب الواحد ( مع رسول الله ) : أي : مع فعله أو حال كوننا معه ( - صلى الله عليه وسلم - ) : ويؤيد الثاني قوله ( ولا يعاب علينا ) : أي : وما نهانا فيكون تقريرا نبويا ، فثبت جوازه بالسنة إذ عدم الإنكار دليل الجواز لا دليل الندب ( فقال ابن مسعود : إنما كان ذلك ) ، أي : المذكور من الصلاة في الثوب الواحد من غير كراهة ( إذا كان ) : وفي نسخة إذ كان ( في الثياب قلة ) ، أي : في وقت كون الثياب قليلة ( فأما إذا ) : وفي نسخة : إذ ( وسع الله ) : بتكثير الثياب ، شرطية جزاؤها ( فالصلاة في الثوبين ) ، أي : الإزار والرداء ( أزكى ) ، أي : أولى لأنه أقرب إلى الأدب في حضور المولى وقال الطيبي : أي أطهر أو أفضل ; لأن الزكاة النمو الحاصل عن بركة الله تعالى ، أو طهارة النفس عن الخصال الذميمة ، وكلا المعنيين محتمل في الحديث ، أما الفضل فظاهر ، وأما التزكية فإن المصلي لا يأمن إذا صلى في ثوب واحد من كشف عورته بهبوب ريح أو حل العقد ، أو غيرهما بخلاف الثوبين اهـ .

وتبعه ابن حجر قلت : وفي تعليله نظر إذ لا يختلف ما ذكر في الإزار أن يكون معه رداء أم لا ، فالأولى أن يقال أزكى ، بمعنى أنمى ، أي : " أكثر ثوابا " ، أو بمعنى " أطهر " ; لأنه أبعد من الخصلة الذميمة التي هي أداء الصلاة على وجه الكراهة ، وفي خبر البيهقي : إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله أحق أن يتزين له ، فإن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى .

وروي أنه - عليه السلام - قال : " وصلاة بعمامة أفضل من سبعين صلاة بغير عمامة " ، كذا نقله ابن حجر عن ابن الرفعة ، لكن قال ابن الربيع : صلاة بخاتم تعدل سبعين بغير خاتم ، موضوع كما قاله شيخنا عن شيخه ، وكذا ما أورده الديلمي من حديث ابن عمر مرفوعا : " صلاة بعمامة تعدل بخمس وعشرين صلاة ، وجمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة " ، ومن حديث أنس مرفوعا : " الصلاة في العمامة بعشرة " ) اهـ ، قال المنوفي : فذلك كله باطل نقله الخطابي ، والله أعلم بالصواب ، ( رواه أحمد ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية