الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وما جاءه من مال بلا مسألة ولا استشراف نفس وجب أخذه ، نقل الأثرم : عليه أن يأخذه ، { لقول النبي صلى الله عليه وسلم خذه } وينبغي أن يأخذه إن كان يضيق عليه أن يرده ، وذكر أحمد أيضا هذا [ ص: 599 ] الخبر وقال : هذا إذا كان من مال طيب ، ونقل جماعة : أخاف أن يضيق عليه رده ، وقاله في التنبيه ، واقتصر عليه في المستوعب ، ونقل إسحاق بن إبراهيم : لا بأس إذا كان عن غير استشراف أن يرد أو يأخذ ، هو بالخيار ، كذا ترجم الخلال أن القبول مباح من غير استشراف ، وعن أحمد أنه رد ذلك وقال : دعنا نكون أعزاء ، ورد في رواية المروذي فقال له إسحاق : أي شيء تكون الحجة أو كيف يجوز ؟ فقال : لا أعلم فيه شيئا إلا أن الرجل يجوز إذا تعود لم يصبر عنه . وذكر أبو الحسين في كراهة الرد روايتين ، وعلل عدم الكراهة بما في رواية المروذي ، وكذا ذكر صاحب المحرر رواية بجواز الرد وقال : قد بين العلة في جواز الرد وأن هذا يحمل النصوص المذكورة للوجوب على الاستحباب ، وذكر ابن الجوزي في المنهاج أنه لا يأخذه إلا مع حاجته إليه إذا سلم من الشبهة والآفات ، فإن الأفضل أخذه ، وما ذكره من سلامته من الشبهة يؤخذ من كلام غيره ; لأنه مكروه ، ولا يجب قبول المكروه ، وهذا معنى المنقول عن أحمد في جائزة السلطان ، مع قوله : هي خير من صلة الإخوان ، وظاهر كلام غير واحد : يجب ما لم يحرم ، وقاله ابن حزم الظاهري ، قال : لأنه داخل في وجوب النصيحة ، فإن طابت نفسه عليه فحسن ، وإن اتقاه فليتصدق به فيؤجر على كل حال ، ثم من الجهل [ ص: 600 ] استسهال المرء أخذ مال زيد في بيع أو أجرة ثم يتجنبه إذا أعطاه إياه بطيب نفس ، ثم احتج بقوله عليه السلام { من رغب عن سنتي فليس مني } قال : وكان مالك والشافعي لا يردان ما أعطيا ، وظاهر كلام أصحابنا أن جائزة السلطان كغيره ، وحصول الخلاف فيها ، وتشديد أحمد لأجل الشبهة ، على ما يأتي في صدقة التطوع .

                                                                                                          وقال في شرح مسلم : الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور : يستحب القبول في غير عطية السلطان وأما عطية السلطان فحرمها قوم ، وأباحها قوم ، وكرهها قوم ، قال : والصحيح إن غلب الحرام فيما في يد السلطان حرمت ، وإلا أبيح إن لم يكن في القابض مانع من الاستحقاق ، وأوجبت طائفة الأخذ من السلطان وغيره ، واستحبه آخرون في عطية السلطان دون غيره .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية