الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة

                                                                                                          863 حدثنا قتيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وبين الصفا والمروة ليري المشركين قوته قال وفي الباب عن عائشة وابن عمر وجابر قال أبو عيسى حديث ابن عباس حديث حسن صحيح وهو الذي يستحبه أهل العلم أن يسعى بين الصفا والمروة فإن لم يسع ومشى بين الصفا والمروة رأوه جائزا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة ) هما جبلان بمكة يجب المشي بينهما بعد الطواف في العمرة والحج سبعة أشواط مع سرعة المشي بين الميلين الأخضرين . قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات : الصفا مبدأ السعي ، وهو مقصور مكان مرتفع عند باب المسجد الحرام ، وهو أنف أي قطعة من جبل أبي قبيس ، وهو الآن إحدى عشرة درجة ، أما المروة فلاطية جدا أي منخفضة وهي أنف من جبل قعيقعان وهي درجتان ومن وقف عليها كان محاذيا للركن العراقي وتمنعه العمارة من رؤيته وإذا نزل من الصفا سعى حتى يكون بين الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد وبينه نحو ستة أذرع فيسعى سعيا شديدا حتى يحاذي الميلين الأخضرين اللذين بفناء المسجد وحذاء دار العباس ثم يمشي حتى المروة ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( إنما سعى بالبيت ) أي رمل ( وبين الصفا والمروة ) أي سعى بينهما يعني أسرع المشي في بطن الوادي ، ففي الموطأ حتى انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى خرج منه ( ليري ) من الإراءة ( المشركين قوته ) وجلادته . وللطبراني عن عطاء عن ابن عباس قال : من شاء فليرمل ومن شاء فلا يرمل إنما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالرمل ليري المشركين قوته .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عائشة وابن عمر وجابر ) أما حديث عائشة فأخرجه الشيخان ، ففي تخريج الزيلعي أخرجا عن عائشة في حديث طويل : قد سن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الطواف بينهما ، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما . وأما حديث ابن عمر فأخرجه الترمذي في هذا الباب . وأما حديث جابر فأخرجه مسلم .

                                                                                                          قوله : ( حديث ابن عباس حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وغيرهما مطولا [ ص: 511 ] ( وهو الذي يستحبه أهل العلم أن يسعى بين الصفا والمروة ، فإن لم يسع ومشى بين الصفا والمروة رأوه جائزا ) المراد من السعي بين الصفا والمروة السعي في بطن الوادي الذي بين الصفا والمروة ، قال الشوكاني في شرح حديث جابر المذكور تحت قوله حتى انصبت قدماه في بطن الوادي ما لفظه : وفي الموطأ حتى انصبت قدماه في بطن الوادي سعى وفي هذا الحديث استحباب السعي في بطن الوادي حتى يصعد ثم يمشي باقي المسافة إلى المروة على عادة مشيه ، وهذا السعي مستحب في كل مرة من المرات السبع في هذا الموضع ، والمشي مستحب فيما قبل الوادي وبعده ، ولو مشى في الجميع أو سعى في الجميع أجزأه وفاتته الفضيلة . وبه قال الشافعي ومن وافقه ، وقال مالك فيمن ترك السعي الشديد في موضعه : تجب عليه الإعادة وله رواية أخرى موافقة للشافعي ، انتهى .

                                                                                                          قلت : وحديث ابن عمر الآتي يدل على ما قال الشافعي وموافقوه .




                                                                                                          الخدمات العلمية