الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ كتاب الرسول إلى خالد يأمره بالمجيء ]

فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد النبي رسول الله إلى خالد بن الوليد . سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو . أما بعد ، فإن كتابك جاءني مع رسولك تخبر أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن تقاتلهم ، وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من الإسلام ، وشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبد الله ورسوله ، وأن قد هداهم الله بهداه ، فبشرهم وأنذرهم ، وأقبل وليقبل معك وفدهم ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته .

[ قدوم خالد مع وفدهم على الرسول ]

فأقبل خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبل معه وفد بني الحارث بن كعب ، منهم قيس بن الحصين ذي الغصة ، ويزيد بن عبد المدان ، ويزيد بن المحجل ، وعبد الله بن قراد الزيادي ؛ وشداد بن عبد الله القناني ، وعمرو بن عبد الله الضبابي [ ص: 594 ] .

[ حديث وفدهم مع الرسول ]

فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآهم ، قال : من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند ، قيل : يا رسول الله ، هؤلاء رجال بني الحارث بن كعب ؛ فلما وقفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلموا عليه ، وقالوا : نشهد أنك رسول الله ، وأنه لا إله إلا الله ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتم الذين إذا زجروا استقدموا ، فسكتوا ، فلم يراجعه منهم أحد ، ثم أعادها الثانية ، فلم يراجعه منهم أحد ، ثم أعادها الثالثة ، فلم يراجعه منهم أحد ، ثم أعادها الرابعة ، فقال يزيد بن عبد المدان : نعم ، يا رسول الله ، نحن الذين إذا زجروا استقدموا ، قالها أربع مرار ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن خالدا لم يكتب إلي أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا ، لألقيت رءوسكم تحت أقدامكم ؛ فقال يزيد بن عبد المدان : أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا ، قال : فمن حمدتم ؟ قالوا : حمدنا الله عز وجل الذي هدانا بك يا رسول الله ؛ قال : صدقتم . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية ؟ قالوا : لم نكن نغلب أحدا ؛ قال : بلى ، قد كنتم تغلبون من قاتلكم ؛ قالوا : كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله إنا كنا نجتمع ولا نفترق ، ولا نبدأ أحدا بظلم ، قال : صدقتم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني الحارث بن كعب قيس بن الحصين . فرجع وفد بني الحارث إلى قومهم في بقية من شوال ، أو في صدر ذي القعدة ، فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر ، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورحم وبارك ، ورضي وأنعم .

التالي السابق


الخدمات العلمية