الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        896 [ ص: 77 ] 851 - مالك ، عن يحيى بن سعيد قال : أخبرتني عمرة بنت عبد الرحمن أنها سمعت عائشة أم المؤمنين تقول : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس ليال بقين من ذي القعدة ، ولا نرى إلا أنه الحج ، فلما دنونا من مكة ، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن معه هدي ، إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، أن يحل . قالت عائشة : فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر . فقلت : ما هذا ؟ فقالوا : نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه .

                                                                                                                        قال يحيى بن سعيد : فذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد فقال : أتتك والله بالحديث على وجهه .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        18124 - قال أبو عمر : أما قولها في هذا الحديث : ( ولا نرى إلا أنه [ ص: 78 ] الحج ) فليس فيه قطع بإفراد ولا غيره ، وقد مضى القول في الإفراد والتمتع والإقران قبل هذا .

                                                                                                                        18125 - وأما قولها : ( فلما دنونا من مكة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة أن يحل ، فهذا فسخ الحج في العمرة ، وقد تقدم القول فيه ، وأوضحنا أنه مخصوص به الذين خاطبهم بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكرنا قول من خالف في ذلك .

                                                                                                                        18126 - وأما قولها : ( فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر . . . الحديث ) ، ففيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر عن أزواجه يوم الهدي الذي نحر عن نفسه ، لأنه محفوظ من وجوه صحاح متواترة أنه ( عليه السلام ) قدم عليه علي من اليمن ببدن هديا . وكان ( عليه السلام ) قد ساق مع نفسه أيضا من المدينة هديا فكمل في ذلك مائة بدنة ، وأشركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحرها هو وعلي على ما ذكرنا في حديث علي ، وحديث جابر المسند الصحيح .

                                                                                                                        18127 - ولم يذبح البقر إلا عن أزواجه .

                                                                                                                        18128 - على أن ابن شهاب يقول : إنما نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه بقرة واحدة ، يريد أنه أشركهن فيها .

                                                                                                                        18129 - ويحتمل أن يكون أراد بقوله ذلك بقرة عن كل واحدة منهن ، [ ص: 79 ] والله أعلم .

                                                                                                                        18130 - وفي هذا الحديث أيضا عرض العالم على من هو أعلم منه ما عنده من العلم ليعرف قوله فيه .

                                                                                                                        18131 - وفيه : أن أهل الدنيا إذا سمعوا الصادق وصدقوه فرحوا به .

                                                                                                                        18132 - وفيه : جواز نحر البقر . ومن أهل العلم من كره ذلك لقول الله ( عز وجل ) في البقرة : فذبحوها [ البقرة : 71 ] . والذي عليه جمهور أهل العلم أن البقر يجوز فيها الذبح بدليل القرآن ، والنحر بالسنة .

                                                                                                                        18133 - وأما الإبل فتنحر ولا تذبح . والغنم تذبح ولا تنحر .

                                                                                                                        18134 - وسيأتي القول بما للعلماء فيمن نحر ما يذبح أو ذبح ما ينحر في موضعه من كتاب الذبائح إن شاء الله ( عز وجل ) .




                                                                                                                        الخدمات العلمية