الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) حرم عليهما ( الجماع ومقدماته ) ولو علمت السلامة من مني ، أو مذي ( وأفسد ) الجماع الحج والعمرة ( مطلقا ) ولو سهوا ، أو مكرها في آدمي وغيره فعل شيئا من أفعال الحج بعد الإحرام أو لا كان بالغا ، أو لا ( كاستدعاء مني ) فإنه يحرم ويفسد إن خرج ( وإن بنظر ) ، أو فكر استديم فإن خرج بمجرد فكر ، أو نظر لم يفسد وعليه هدي وجوبا ولا يشترط الاستدامة في غير النظر والفكر حيث حصل إنزال ، وإلا فلا شيء عليه إلا القبلة للذة فعليه الهدي ومحل الفساد ( إن وقع قبل الوقوف مطلقا ) فعل شيئا بعد إحرامه كالقدوم والسعي أم لا ( أو ) وقع ( بعده ) بشرطين أشار لهما بقوله ( إن وقع ) الجماع أو المني المستدعى ( قبل ) طواف ( إفاضة ) أو سعي آخر ( و ) رمي ( عقبة يوم النحر أو قبله ) ليلة مزدلفة ( وإلا ) بأن وقع قبلهما بعد يوم النحر ، أو بعد أحدهما في يوم النحر ( فهدي ) واجب ولا فساد في الصور الثلاث ( كإنزال ابتداء ) أي بمجرد نظر ، أو فكر من غير إدامة فعليه الهدي وأما إن خرج بلا لذة ، أو غير معتادة فلا شيء عليه ( وإمذائه ) وإن بمجرد نظر فيه الهدي ( وقبلته ) فيها الهدي إن كانت بفم وإلا فكالملامسة لا شيء فيها إلا إذا أمذى أو كثرت ( ووقوعه ) أي المني ، أو الجماع ( بعد ) تمام ( سعي ) وقبل الحلاق ( في عمرته ) فالهدي ( وإلا ) بأن حصل قبل تمام السعي ولو بشرط ( فسدت ) ووجب القضاء والهدي .

التالي السابق


( قوله : ولو علمت السلامة ) الذي استظهره عج كراهة المقدمات إذا علمت السلامة كالصوم لكن يقيد بما إذا قلت ( قوله : كان بالغا أو لا ) هذا غير صواب ولم أر لأحد ما يوافقه ، وقول ابن الحاجب " والجماع والمني في الإفساد على نحو موجب الكفارة في رمضان . ا هـ " يدل على خلافه وكذا قول التوضيح وكأن المصنف يشير إلى أن ما يوجب الكفارة هناك يوجب الفساد هنا ا هـ وقد تقدم أن موجب الكفارة في الصوم هو الجماع الموجب للغسل وعبارة ابن عرفة ويفسد الحج مغيب الحشفة كما مر في الغسل ا هـ وبه يرد قول الشيخ عبق ويدخل تحت الإطلاق كونه موجبا للغسل ، أو لا ا هـ بن وعلى ما قاله من أن المفسد للحج إنما هو الجماع الموجب للغسل لو حصل الجماع من صبي ، أو في غير مطيقة أو في هوي فرج ، أو مع لف خرقة كثيفة على الذكر والحال أنه لم ينزل لم يكن مفسدا . ( قوله : كاستدعاء مني ) تشبيه في قوله وأفسد أي كما يفسد الحج بالجماع يفسد باستدعاء المني هذا إذا استدعاه بيد أو قبلة ، أو ملاعبة ، أو حضن بل ، وإن استدعاه بنظر أو فكر أي دائم حتى أنزل وقوله : كاستدعاء مني أي عمدا ، أو جهلا ، أو نسيانا للإحرام . ( قوله : بمجرد فكر ) أي بفكر مجرد عن الاستدامة .

وحاصله أنه إذا استدعاه بالفكر أو النظر فحصل ولم يستدم الاستدعاء أهدى ولا إفساد وأما إن استدعاه بغيرهما كقبلة ، أو حضن أو ملاعبة فحصل فالإفساد ، وإن لم يدم الاستدعاء . ( قوله : في غير النظر ) أي كالقبلة والحضن . ( قوله : فعليه الهدي ) أي عند عدم حصول الإنزال كما هو في الموضوع . ( قوله : أخر ) أي أو بعده وقبل سعي أخر عن الوقوف . ( قوله : يوم النحر ) ظرف لقوله إن وقع . ( قوله : أو قبله ) أي قبل يوم النحر قال ح لا بد من هذه اللفظة لئلا يتوهم اختصاص الفساد بيوم النحر ا هـ بن . ( قوله : وإلا فهدي ) هذا يشمل بظاهره ما إذا وقع بعدهما يوم النحر أو بعده مع أنه لا هدي في هذه وكأن الشارح إنما ترك التنبيه على ذلك اعتمادا على قول المصنف فيما مر وحل به ما بقي . ( قوله : بأن وقع قبلهما ) أي قبل الإفاضة وقبل رمي جمرة العقبة . ( قوله : أو بعد أحدهما ) أي أو وقع بعد الرمي وقبل الإفاضة أو بعد الإفاضة وقبل الرمي أي والحال أنه قدم السعي . ( قوله : كإنزال ابتداء ) أي كإنزال المني بمجرد نظر ، أو فكر من غير إدامة لهما ولو قصد بهما اللذة . ( قوله : وإن بمجرد نظر ) أي هذا إذا خرج بعد مداومة نظر أو فكر بل ، وإن خرج بمجرد نظر ، أو فكر ، أو قبلة أو مباشرة فليس لزوم الهدي في المذي مقصورا على ما إذا خرج ابتداء وأنه إذا خرج عن إدامة شيء مما ذكر فإنه يفسد . ( قوله : وقبلته ) أي بغير إنزال ، أو مذي وهذا إذا كانت على الفم وكانت لغير وداع ، أو رحمة فإن كانت على غير الفم فلا شيء فيها إلا إذا أمذى أو كثرت وكذا إن كانت لوداع أو رحمة فلا شيء فيها ما لم يخرج معها مني أو مذي ، وإلا فالهدي . ( قوله : وإلا فسدت ) سكت المصنف عما لو فعل في العمرة أمرا غير مفسد للحج مما يوجب هديا فيه وذلك كالمذي والقبلة وطول الملامسة والملاعبة قبل تمامها والظاهر كما قال الشيخ سالم أن فيه الهدي وأن العمرة كالحج في ذلك وهذا مما يشهد له عموم كلام الباجي الذي نقله ح والتوضيح وظاهر كلام الشارح بهرام وغيره أنه لا هدي فيما ذكر في العمرة لقولهم إن الذي يوجب الهدي في العمرة ما أوجب فساد الحج في بعض الأحوال من وطء ، وإنزال وأما ما يوجب الهدي في الحج فلا يوجب في العمرة لأن أمرها أخف من حيث إنها ليست فرضا وهو واضح [ ص: 69 ] قال شيخنا العدوي وينبغي التعويل على الأول ، وإن كان ظاهر النقل خلافه .




الخدمات العلمية