الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7838 - ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم ، إلا كان على بعضهم فتنة ( ابن عساكر ) عن ابن عباس . (ض)

التالي السابق


(ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم ، إلا كان على بعضهم فتنة) لأن العقول لا تحتمل إلا على قدر طاقتها ، فإن أزيد على العقل فوق ما يحتمله استحال الحال من الصلاح إلى الفساد ، ومن ثم ورد في خبر عند الحكيم : إن لله سرا لو أفشاه لفسد التدبير ، وللملوك سرا لو أفشوه لفسد ملكهم ، وللأنبياء سرا لو أفشوه لفسدت نبوتهم ، وللعلماء سرا لو أفشوه فسد علمهم. فواجب على الحكيم والعالم النحرير الاقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله: أنزلوا الناس منازلهم ، وقد قال عيسى: لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ، وكن كالطبيب الحاذق يضع دواءه حيث يعلم أنه ينفع ، ومن ثم قيل: تصفح طلاب حكمك كما تتصفح خطاب حرمك ، وبهذا ألم أبو تمام حيث قال:


وما أنا بالغيران ممن دون جارتي. . . إذا أنا لم أصبح غيورا على العلم



وقيل لحكيم: ما بالك لا تطلع كل أحد على حكمة يطلبها منك ؟ فقال: اقتداء بالباري تعالى حيث قال: ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون فتبين أنه منعهم لما لم يكن فيهم خير ، وبين أن في إسماعهم ذلك مفسدة لهم ، قال حجة الإسلام: ومن ذلك ما أحدثه بعض المتصوفة ممن تركوا فلاحتهم وأتوا بكلمات غير مفهومة يسمونها الشطح ، فيها عبارات هائلة ، وليس وراءها طائلة ، أو تكون مفهومة ، لكن لا يقدر على تفهيمها وإيرادها بعبارة تدل على ضميره ، لقلة ممارسته للعلم ، وجهله بطرق التعبير عن المعاني بالألفاظ الرشيقة ، فلا فائدة لذلك إلا أنه يشوش القلوب ويدهش العقول ويحير الأذهان

( ابن عساكر ) في تاريخه (عن ابن عباس ) .



الخدمات العلمية