الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
440 [ ص: 31 ] مالك ، عن يزيد بن رومان أبي روح حديث واحد

ويزيد بن رومان هذا مولى الزبير بن العوام كان أحد قراء أهل المدينة ، وكان عالما بالمغازي : مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ثقة سكن المدينة ، وبها كانت وفاته سنة ثلاثين ومائة .

مالك ، عن يزيد بن رومان ، عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه ، وطائفة وجاه العدو ، فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما ، وأتموا ; لأنفسهم ثم انصرفوا ، فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى ، فصلى بهم الركعة من صلاته ثم ثبت جالسا ، وأتموا ; لأنفسهم ثم صلى بهم .

[ ص: 32 ]

التالي السابق


[ ص: 32 ] لم يختلف ، عن مالك في إسناد هذا الحديث ، ومتنه ، ورواه أبو أويس ، عن يزيد بن رومان ، عن صالح بن خوات ، عن أبيه خوات بن جبير ، فذكر معناه .

ورواه عبد الله بن عمر ، عن أخيه عبيد الله بن عمر ، عن القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات ، عن أبيه .

ورواه شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة مرفوعا ، ولم يختلف ، عن شعبة في إسناده هذا ، واختلف عنه في متنه على ما قد ذكرناه في باب نافع من هذا الكتاب ، وعند مالك فيه حديثه ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة موقوفا .

وإلى حديث مالك ، عن يزيد بن رومان المذكور في هذا الباب ذهب الشافعي - رحمه الله - وأصحابه في صلاة الخوف ، وبه قال داود ، وهو قول مالك إلا أن ابن القاسم ذكر عنه أنه رجع إلى حديث القاسم بن محمد في ذلك ، والخلاف منه إنما هو في موضع واحد ، وذلك أن الإمام عنده لا ينتظر الطائفة الثانية إذا صلى بها ركعة ، ولكن يسلم ثم تقوم تلك الطائفة ، فتقضي ; لأنفسها ذهب في ذلك إلى حديثه ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات ، عن سهل ابن أبي حثمة .

[ ص: 33 ] قال ابن القاسم كان مالك يقول : لا يسلم الإمام حتى تقوم الطائفة الثانية ، فتتم ; لأنفسها ثم يسلم بهم على حديث يزيد بن رومان ثم رجع إلى حديث القاسم بن محمد أن الإمام يسلم ثم تقوم الطائفة الثانية ، فيقضون .

قال أبو عمر : لأهل العلم أقاويل مختلفة ، ومذاهب متباينة في صلاة الخوف قد ذكرناها ، وذكرنا الآثار التي بها نزع كل فريق منهم ، ومنها قال ، وإليها ذهب ، وأوضحنا ذلك ، ومهدناه بحججه ، ووجوهه ، وعلله في باب نافع من هذا الكتاب ، والحمد لله .

وأما قوله : يوم ذات الرقاع ، فهي غزاة معروفة عند جميع أهل العلم بالمغازي ، واختلف في المعنى الذي سميت به ذات الرقاع ، فذكر الأخفش ، عن أبي أسامة ، عن يزيد بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة ، فكنا نمشي على أقدامنا حتى نقبت ، فكنا نشدها بالخرق ، ونعصب عليها العصائب ، فسميت غزوة ذات الرقاع .

قال أبو بردة ، فلما حدث أبو موسى بهذا الحديث ندم ، وقال ما كنا نصنع بذكر هذا كأنه كره أن يذكر شيئا من عمله الصالح . [ ص: 34 ] وقال غيره : إنما سميت ذات الرقاع ; لأنهم رقعوا فيها راياتهم ، والرايات دون البنود ، وفوق الطرادات إلى البنود ما هي . وقيل : كانت أرضا ذات ألوان ، وقيل : إن ذات الرقاع شجرة نزلوا تحتها ، وانصرفوا يومئذ عن موادعة من غير قتال




الخدمات العلمية