الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فصل

" كلا " في القرآن على ثلاثة أقسام :

أحدها : ما يجوز الوقف عليه والابتداء به جميعا باعتبار معنيين .

والثاني ما : لا يوقف عليه ولا يبتدأ به .

والثالث : ما يبتدأ به ولا يجوز الوقف عليه ، وجملته ثلاثة وثلاثون حرفا ; تضمنها خمس عشرة سورة ، كلها في النصف الأخير من القرآن ، وليس في النصف الأول منها شيء . وللشيخ عبد العزيز الديريني - رحمه الله - :


وما نزلت " كلا " بيثرب فاعلمن ولم تأت في القرآن في نصفه الأعلى

[ ص: 521 ] وحكمة ذلك أن النصف الآخر نزل أكثره بمكة ، وأكثرها جبابرة ، فتكررت هذه الكلمة على وجه التهديد والتعنيف لهم ، والإنكار عليهم بخلاف النصف الأول . وما نزل منه في اليهود لم يحتج إلى إيرادها فيه لذلهم وضعفهم .

والأول : اثنا عشر حرفا :

منها في سورة " مريم " : أم اتخذ عند الرحمن عهدا كلا ( الآيتان : 78 و 79 ) .

وفيها : ليكونوا لهم عزا كلا ( الآيتان : 81 و 82 ) .

وفي " المؤمنين " : فيما تركت كلا ( الآية : 100 ) .

وفي " المعارج " : ينجيه كلا ( الآيتان : 14 و 15 ) ، وفيها : جنة نعيم كلا ( الآيتان : 38 و 39 ) .

وفي " المدثر " أن أزيد كلا ( الآيتان : 15 و 16 ) ، وفيها : صحفا منشرة كلا ( الآيتان : 52 و 53 ) .

وفي " القيامة " : أين المفر كلا ( الآيتان : 10 و 11 ) .

وفي " عبس " : تلهى كلا ( الآيتان : 10 و 11 ) .

وفي " التطفيف " : قال أساطير الأولين كلا ( المطففين : 13 و 14 ) .

وفي " الفجر " : أهانن كلا ( الفجر : 16 و 17 ) .

وفي " الهمزة " : أخلده كلا ( الهمزة : 3 و 4 ) .

والثاني ثلاثة أحرف :

في " الشعراء " : أن يقتلون قال كلا ( الشعراء : 14 و 15 ) .

وفيها : إنا لمدركون قال كلا ( الشعراء : 61 و 62 ) .

وفي " سبأ " : ألحقتم به شركاء كلا ( سبأ : 27 ) .

والثالث : ثمانية عشر حرفا :

في " المدثر " : كلا والقمر ( المدثر : 32 ) ، كلا إنه تذكرة ( المدثر : 54 ) .

وفي " القيامة " كلا بل تحبون العاجلة ( القيامة : 20 ) ، كلا إذا بلغت التراقي ( القيامة : 26 ) .

وفي " النبأ " : كلا سيعلمون ( النبأ : 4 ) .

وفي " عبس " : كلا لما يقض ( عبس : 23 ) .

وفي " الانفطار " : كلا بل تكذبون ( الآية : 9 ) .

وفي " التطفيف " : كلا إن كتاب الفجار ( الآية : 7 ) ، كلا إنهم ( الآية : 15 ) كلا إن كتاب الأبرار ( الآية : 18 ) .

[ ص: 522 ] وفي " الفجر " : كلا إذا ( الآية : 21 ) .

وفي العلق : كلا إن ( الآية : 6 ) ، كلا لئن لم ينته ( الآية : 15 ) ، كلا لا تطعه ( الآية : 19 ) .

وفي " التكاثر " : كلا سوف تعلمون ( الآية : 3 ) .

وقسمها مكي أربعة أقسام :

الأول : ما يحسن الوقف فيه على كلا على معنى الرد لما قبلها والإنكار له ، فتكون بمعنى : ليس الأمر كذلك ، والوقف عليها في هذه المواضع هو الاختيار ، ويجوز الابتداء بها على معنى " حقا " أو " إلا " وذلك أحد عشر موضعا .

منها الموضعان في " مريم " ، وفي " المؤمنين " .

وفي " سبأ " : ألحقتم به شركاء كلا ( الآية : 27 ) ، وموضعان في المعارج ، وموضعان في المدثر ، وموضع في المطففين والفجر والحطمة . قال : فهذه أحد عشر موضعا ، الاختيار عندنا وعند أكثر أهل اللغة أن تقف عليها على معنى النفي والإنكار لما تقدمها ، ويجوز أن تبتدئ بها على معنى " حقا " ; لجعلها تأكيدا للكلام الذي بعدها ، أو الاستفتاح .

الثاني : ما لا يحسن الوقف عليه فيها ، ولا يكون الابتداء بها على معنى " حقا " أو " ألا " أو تعلقها بما قبلها وبما بعدها ، ولا يوقف عليها ، ولا يبتدأ بها ، والابتداء بها في المواضع أحسن ، وذلك في ثمانية عشر موضعا : موضعان في المدثر : وما هي إلا ذكرى للبشر كلا والقمر [ ص: 523 ] ( المدثر : 31 و 32 ) . كلا بل لا يخافون الآخرة كلا إنه تذكرة ( المدثر : 53 و 54 ) .

وثلاثة في القيامة : أين المفر كلا ( الآيتان : 10 و 11 ) ، ثم إن علينا بيانه كلا ( الآيتان : 19 و 20 ) ، أن يفعل بها فاقرة كلا إذا ( الآيتان : 25 و 26 ) .

وموضع في عم : كلا سيعلمون ( النبأ : 4 ) .

وموضعان في عبس : إذا شاء أنشره كلا ( الآيتان : 22 و 23 ) ، تلهى كلا ( الآيتان : 10 و 11 ) .

وموضع في الانفطار : ما شاء ركبك كلا ( الآيتان : 8 و 9 ) .

وثلاثة مواضع في المطففين : لرب العالمين كلا إن كتاب الفجار ( المطففين : 6 و 7 ) ، ما كانوا يكسبون كلا إنهم ( المطففين : 14 و 15 ) ، الذي كنتم به تكذبون كلا ( المطففين : 17 و 18 ) .

وموضع في الفجر قوله : حبا جما كلا ( الفجر : 20 و 21 ) .

وثلاثة مواضع في العلق : علم الإنسان ما لم يعلم كلا ( العلق : 5 ) ، ألم يعلم بأن الله يرى كلا ( الآيتان : 14 و 15 ) ، سندع الزبانية كلا ( العلق : 18 و 19 ) .

وموضعان في التكاثر : حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ( الآيتان : 2 و 3 ) ، وقوله : كلا لو تعلمون ( الآية : 5 ) .

فهذه ثمانية عشر موضعا ، الاختيار عندنا وعند القراء وعند أهل اللغة أن يبتدأ بها ، و كلا على معنى " حقا " أو " ألا " وألا يوقف عليها .

الثالث : ما لا يحسن الوقف فيه عليها ، ولا يحسن الابتداء بها ، ولا تكون موصولة بما قبلها من الكلام ، ولا بما بعدها ، وذلك موضعان :

في " عم يتساءلون " : كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ( النبأ : 4 و 5 ) ، وكذا في التكاثر : ثم كلا سوف تعلمون ( الآية : 4 ) ، فلا يحسن الوقف عليها ، ولا الابتداء بها .

الرابع : ما لا يحسن الابتداء بها ويحسن الوقوف عليها ، وهو موضعان : في " الشعراء " : أن يقتلون قال كلا ( الآيتان : 14 و 15 ) ، إنا لمدركون قال كلا ( الآيتان : 61 و 62 ) . [ ص: 524 ] قال : فهذا هو الاختيار ، ويجوز في جميعها أن تصلها بما قبلها وبما بعدها ، ولا تقف عليها ولا تبتدئ بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية