الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل وحكم المستعير في استيفاء المنفعة حكم المستأجر ، والعارية مضمونة بقيمتها يوم تلفها ، وإن شرط نفي ضمانها

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( وحكم المستعير في استيفاء المنفعة حكم المستأجر ) لأنه ملك التصرف بإذن [ ص: 144 ] المالك أشبه المستأجر ، فعلى هذا إن أعاره للغرس ، أو البناء فله أن يزرع ما شاء ولا عكس ، وإن أذن له في زرع مرة لم يملك أخرى ، وله استيفاء المنفعة بنفسه وبوكيله ; لأنه نائب عنه ( والعارية ) المقبوضة ( مضمونة ) نص عليه ، روي عن ابن عباس وأبي هريرة لما روى الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وعلى اليد ما أخذت حتى تؤديه ، رواه الخمسة وصحح الحاكم إسناده ، وعن صفوان أنه عليه السلام استعار منه يوم حنين أدراعا ، فقال : أغصبا يا محمد ؛ قال : بل عارية مضمونة رواه أحمد وأبو داود ، ولأنه أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفردا بنفعه من غير استحقاق ، ولا إذن في إتلاف ، فكان مضمونا كالغصب ، وقاسه في " المغني " ، و " الشرح " على المقبوض على وجه السوم قال في " الفروع " : فدل على رواية مخرجة وهو متجه ، وذكر الحارثي لا يضمن ، وذكره الشيخ تقي الدين عن بعض أصحابنا ، واختاره صاحب " الهدي " فيه لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال : ليس على المستعير ضمان ، ولأنه قبضها بإذن مالكها فكانت أمانة ، ورد بأنه يرويه عمرو بن عبد الجبار عن عبيد بن حسان ، وهما ضعيفان ، قاله الدارقطني مع أنه يحتمل أنه أراد ضمان المنافع والأجرة ، وعلى المذهب لا فرق بين أن يتعدى فيها أو لا ، ويستثنى منه ما إذا تلفت في يد مستعير من مستأجرها ، أو يكون المعار وقفا ككتب العلم ونحوها ، فلا يضمن فيهما إذا لم يفرط ( بقيمتها ) لأنها بدل عنها في الإتلاف فوجب عند تلفها كالإتلاف ، وإذا قلنا بضمان الأجزاء التالفة بالانتفاع فإنه يضمنها بقيمتها قبل تلف أجزائها إن كانت قيمتها أكثر ، وإن كانت مثلية ضمنها بمثلها ( يوم تلفها ) لأنه حينئذ يتحقق فوات العارية فوجب اعتبار الضمان به




                                                                                                                          الخدمات العلمية