الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى : ( ولا يجوز للرجل أن يصلي في ثوب حرير ولا على ثوب حرير ; لأنه يحرم عليه استعماله في غير الصلاة ، فلأن يحرم في الصلاة أولى ، فإن صلى فيه أو صلى عليه صحت صلاته ; لأن التحريم لا يختص بالصلاة ولا النهي يعود إليها فلم يمنع صحتها . ويجوز للمرأة أن تصلي فيه وعليه ; لأنه لا يحرم عليها استعماله ، وتكره الصلاة في الثوب الذي عليه الصورة ، لما روت { عائشة رضي الله عنها قالت : كان لي ثوب فيه صورة فكنت أبسطه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إليه فقال لي : أخريه عني فجعلت منه وسادتين . } )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث عائشة رواه البخاري عن أنس قال : { كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي } القرام بكسر القاف ستر رقيق ، وأجمع العلماء على أنه يحرم على الرجل أن يصلي في ثوب حرير وعليه ، فإن صلى فيه صحت صلاته عندنا وعند الجمهور ، وفيه خلاف أحمد السابق في الدار المغصوبة ، وهذا التحريم إذا وجد سترة غير الحرير فإن لم [ ص: 185 ] يجد إلا ثوب الحرير لزمه الصلاة فيه على أصح الوجهين ، وقد سبقت المسألة في باب طهارة البدن ، وللمرأة أن تصلي فيه بلا خلاف ، وهل لها أن تجلس عليه في الصلاة وغيرها ؟ فيه وجهان حكاهما الخراسانيون ( أصحهما ) وهو طريقة المصنف وسائر العراقيين - يجوز كما يجوز لبسه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير : { إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثها } وهذا عام يتناول الجلوس واللبس وغيرهما ( والثاني ) لا يجوز ; لأنه إنما أبيح لها اللبس تزينا لزوجها وسيدها ، وإنما يحصل كمال ذلك باللبس لا بالجلوس ، ولهذا يحرم عليها استعمال إناء الذهب في الشرب ونحوه مع أنها يجوز لها التحلي به ، والمختار الأول ، والخنثى في هذا كالرجل ، وأما الثوب الذي فيه صور أو صليب أو ما يلهي فتكره الصلاة فيه وإليه وعليه للحديث .

                                      ( فرع ) قد ذكرنا أن مذهبنا صحة الصلاة في ثوب حرير وثوب مغصوب وعليهما ، وبه قال جمهور العلماء ، وقال أحمد في أصح الروايتين : لا يصح ، وقد يحتج لهم بما رواه أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : { من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفيه درهم حرام لم تقبل له صلاة ما دام عليه ، ثم أدخل أصبعه في أذنيه وقال : صمتا إن لم أكن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله } وهذا الحديث ضعيف في رواته رجل مجهول ، ودليلنا ما سبق في مسألة الصلاة في الدار المغصوبة والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية