الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3691 386 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال : حدثني مالك ، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله ، عن عبيد يعني ابن حنين ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس على المنبر ، فقال : إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء ، وبين ما عنده فاختار ما عنده فبكى أبو بكر وقال : فديناك بآبائنا وأمهاتنا ، فعجبنا له ، وقال الناس : انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ، وبين ما عنده ، وهو يقول : فديناك بآبائنا وأمهاتنا ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المخير ، وكان أبو بكر هو أعلمنا به ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر إلا خلة الإسلام لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : " إن من أمن الناس علي في صحبته " ، ولم يصاحب معه في الهجرة إلا أبو بكر رضي الله تعالى عنه ، وهذا بطريق الاستئناس وإن كان فيه بعض بعد ، وهذا القدر كاف في المطابقة ، وأبو النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ، واسمه سالم ، وعبيد بضم العين ابن حنين بضم الحاء المهملة وفتح النون الأولى مولى زيد بن الخطاب القرشي ، والحديث مر في باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر رضي الله تعالى عنه ، فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن محمد ، عن أبي عامر ، عن فليح ، عن سالم ، عن أبي النضر ، عن بشر بن سعيد ، عن أبي سعيد الخدري ، والراوي هنا ، عن أبي سعيد هو عبيد بن حنين ، وكذلك مضى في كتاب الصلاة في باب الخوخة ، والممر في المسجد ، فإن الراوي هناك أيضا عن أبي سعيد هو بشر بن سعيد ، ومر الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وقال الناس : انظروا إلى هذا الشيخ " ، وفي الحديث الذي في كتاب الصلاة ، فقلت في نفسي : ما يبكي هذا الشيخ، القائل هو أبو سعيد ، وجاء فى حديث ابن عباس عند البلاذري ، فقال له أبو سعيد : " ما يبكيك يا أبا بكر " ، فذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                  قوله : " انظروا " يعني كانوا يتعجبون من تفديته إذ لم يفهموا المناسبة بين الكلامين . قوله : " هو المخير " بفتح الياء : أي خير الله رسوله بين بقائه في الدنيا ، ورحلته إلى الآخرة ، وفي إعراب لفظ المخير وجهان : النصب على أنه خبر كان ، ولفظة هو ضمير فصل ، وفيه خلاف هل هو اسم أو حرف ، والرفع على أنه خبر مبتدأ ، وهو قوله : " هو " والجملة في محل النصب على أنها خبر كان . قوله : يخبر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - فعل وفاعل . قوله : " إلا خلة الإسلام " الاستثناء فيه منقطع : أي لكن خلة الإسلام أفضل ، وفيما تقدم إلا أخوة الإسلام . قوله : " خوخة " بفتح المعجمتين بينهما واو ساكنة هو الباب الصغير ، وكان بعض الصحابة فتحوا أبوابا في ديارهم إلى المسجد ، فأمر الشارع بسدها كلها إلا خوخة أبي بكر ليتميز بذلك فضله ، وفيه إيماء إلى الخلافة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية