الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 393 ] ( واختلاف المطالع ) ورؤيته نهارا قبل الزوال وبعده ( غير معتبر على ) ظاهر ( المذهب ) وعليه أكثر المشايخ وعليه الفتوى بحر عن الخلاصة [ ص: 394 ] ( فيلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب ) إذا ثبت عندهم رؤية أولئك بطريق موجب كما مر ، وقال الزيلعي : الأشبه أنه يعتبر لكن قال الكمال : الأخذ بظاهر الرواية أحوط .

[ فرع ] إذا رأوا الهلال يكره أن يشيروا إليه لأنه من عمل الجاهلية كما في السراجية وكراهة البزازية .

التالي السابق


مطلب في اختلاف المطالع ( قوله : واختلاف المطالع ) جمع مطلع بكسر اللام موضع الطلوع بحر عن ضياء الحلوم ( قوله : ورؤيته نهارا إلخ ) مرفوع عطفا على اختلاف ومعنى عدم اعتبارها أنه لا يثبت بها حكم من وجوب صوم أو فطر فلذا قال في الخانية فلا يصام له ولا يفطر وأعاده وإن علم مما قبله ليفيد أن قوله لليلة الآتية لم يثبت بهذه الرؤية بل ثبت ضرورة إكمال العدة كما قررناه فافهم ( قوله : على ظاهر المذهب ) اعلم أن نفس اختلاف المطالع لا نزاع فيه بمعنى أنه قد يكون بين البلدتين بعد بحيث يطلع الهلال له ليلة كذا في إحدى البلدتين دون الأخرى وكذا مطالع الشمس ; لأن انفصال الهلال عن شعاع الشمس يختلف باختلاف الأقطار حتى إذا زالت الشمس في المشرق لا يلزم أن تزول في المغرب ، وكذا طلوع الفجر وغروب الشمس بل كلما تحركت الشمس درجة فتلك طلوع فجر لقوم وطلوع شمس لآخرين وغروب لبعض ونصف ليل لغيرهم كما في الزيلعي وقدر البعد الذي تختلف فيه المطالع مسيرة شهر فأكثر على ما في القهستاني عن الجواهر اعتبارا بقصة سليمان عليه السلام ، فإنه قد انتقل كل غدو ورواح من إقليم إلى إقليم وبينهما شهر . ا هـ .

ولا يخفى ما في هذا الاستدلال وفي شرح المنهاج للرملي وقد نبه التاج التبريزي على أن اختلاف المطالع لا يمكن في أقل من أربعة وعشرين فرسخا وأفتى به الوالد والأوجه أنها تحديدية كما أفتى به أيضا ا هـ فليحفظ وإنما الخلاف في اعتبار اختلاف المطالع بمعنى أنه هل يجب على كل قوم اعتبار مطلعهم ، ولا يلزم أحد العمل بمطلع غيره أم لا يعتبر اختلافها بل يجب العمل بالأسبق رؤية حتى لو رئي في المشرق ليلة الجمعة ، وفي المغرب ليلة السبت وجب على أهل المغرب العمل بما رآه أهل المشرق ، فقيل بالأول واعتمده الزيلعي وصاحب الفيض ، وهو الصحيح عند الشافعية ; لأن كل قوم مخاطبون بما عندهم كما في أوقات الصلاة ، وأيده في الدرر بما مر من عدم وجوب العشاء والوتر على فاقد وقتهما وظاهر الرواية الثاني وهو المعتمد عندنا وعند المالكية والحنابلة لتعلق الخطاب عملا بمطلق الرؤية في حديث { صوموا لرؤيته } بخلاف أوقات الصلوات ، وتمام تقريره في رسالتنا المذكورة .

[ تنبيه ] يفهم من كلامهم في كتاب الحج أن اختلاف المطالع فيه معتبر فلا يلزمهم شيء لو ظهر أنه رئي [ ص: 394 ] في بلدة أخرى قبلهم بيوم وهل يقال كذلك في حق الأضحية لغير الحجاج ؟ لم أره والظاهر نعم ; لأن اختلاف المطالع إنما لم يعتبر في الصوم لتعلقه بمطلق الرؤية ، وهذا بخلاف الأضحية فالظاهر أنها كأوقات الصلوات يلزم كل قوم العمل بما عندهم فتجزئ الأضحية في اليوم الثالث عشر وإن كان على رؤيا غيرهم هو الرابع عشر والله أعلم ( قوله : فيلزم ) فاعله ضمير يعود إلى ثبوت الهلال أي هلال الصوم والفطر و " أهل المشرق " مفعوله ح أو يلزم بضم الياء من الإلزام مبني للمجهول ، وأهل المشرق نائب الفاعل وبرؤيته متعلق بيلزم ( قوله : بطريق موجب ) كأن يتحمل اثنان الشهادة أو يشهدا على حكم القاضي أو يستفيض الخبر بخلاف ما إذا أخبرا أن أهل بلدة كذا رأوه ; لأنه حكاية ح .

( قوله : كما مر ) أي عند قوله شهدا أنه شهد ح ( قوله : يكره ) ظاهره ولو بقصد دلالة من لم يره وظاهر العلة أن الكراهة تنزيهية ط والله أعلم .




الخدمات العلمية