الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 133 ] قوله تعالى: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس: اختصم يهود المدينة ونصارى نجران عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت اليهود: ليست النصارى على شيء ، ولا يدخل الجنة إلا من كان يهوديا ، وكفروا بالإنجيل وعيسى . وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء ، وكفروا بالتوراة وموسى; فقال الله تعالى: تلك أمانيهم

                                                                                                                                                                                                                                      واعلم أن الكلام في هذه الآية مجمل ، ومعناه: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا . واليهود ، جمع: هائد . (تلك أمانيهم) أي: ذاك شيء يتمنونه ، وظن يظنونه ، هذا معنى قول ابن عباس ، ومجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      قل هاتوا برهانكم أي: حجتكم إن كنتم صادقين بأن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا أو نصارى . ثم بين تعالى بأنه ليس كما زعموا فقال: بلى من أسلم وجهه وأسلم ، بمعنى: أخلص . وفي الوجه قولان . أحدهما: أنه الدين . والثاني: العمل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وهو محسن أي: في عمله; فله أجره قال الزجاج: يريد: فهو يدخل الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وهم يتلون الكتاب أي: كل منهم يتلوا كتابه بتصديق ما كفر به ، قاله السدي ، وقتادة . كذلك قال الذين لا يعلمون وفيهم قولان . أحدهما: أنهم مشركوا العرب قاله لمحمد وأصحابه: لستم على شيء ، قاله السدي عن أشياخه . والثاني: أنهم أمم كانوا قبل اليهود والنصارى ، كقوم نوح ، وهود ، وصالح ، قاله عطاء .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فالله يحكم بينهم يوم القيامة قال الزجاج: يريد حكم الفصل بينهم ، فيريهم من يدخل الجنة عيانا [ومن يدخل النار عيانا ] فأما الحكم بينهم في العقد فقد بينه لهم في الدنيا بما أقام على الصواب من الحجج .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية