الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 231 ] ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " ذلك عيسى ابن مريم " قال الزجاج: أي: ذلك الذي قال: إني عبد الله، هو ابن مريم، لا ما تقول النصارى: إنه ابن الله وإنه إله .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " قول الحق " قرأ ابن كثير، وأبو عمرو ، ونافع، وحمزة، والكسائي: ( قول الحق ) برفع اللام . وقرأ عاصم، وابن عامر، ويعقوب بنصب اللام . قال الزجاج: من رفع " قول الحق " فالمعنى: هو قول الحق، يعني: هذا الكلام، ومن نصب فالمعنى: أقول قول الحق . وذكر ابن الأنباري في الآية وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه لما وصف بالكلمة جاز أن ينعت بالقول .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن في الكلام إضمارا، تقديره: ذلك نبأ عيسى، ذلك النبأ قول الحق .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " الذي فيه يمترون " ; أي: يشكون . قال قتادة: أمترت اليهود فيه والنصارى، فزعم اليهود أنه ساحر، وزعم النصارى أنه ابن الله وثالث ثلاثة . قرأ أبو مجلز، ومعاذ القارئ، وابن يعمر، وأبو رجاء: ( تمترون ) بالتاء .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " ما كان لله أن يتخذ من ولد " قال الزجاج: المعنى: أن يتخذ ولدا . و " من " مؤكدة تدل على نفي الواحد والجماعة ; لأن للقائل أن يقول: ما اتخذت فرسا، يريد: اتخذت أكثر من ذلك، وله أن يقول: [ ص: 232 ] ما اتخذت فرسين ولا أكثر، يريد: اتخذت فرسا واحدا، فإذا قال: ما اتخذت من فرس، فقد دل على نفي الواحد والجميع .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " كن فيكون " وقرأ أبو عمران الجوني وابن أبي عبلة: ( فيكون ) بالنصب، وقد ذكرنا وجهه في ( البقرة: 117 ) .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " وإن الله ربي وربكم " قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو : ( وأن الله ) بنصب الألف . وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: ( وإن الله ) بكسر الألف . وهذا من قول عيسى، فمن فتح عطفه على قوله: " وأوصاني بالصلاة والزكاة " وبأن الله ربي، ومن كسر ففيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أن يكون معطوفا على قوله: " إني عبد الله " .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن يكون مستأنفا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية