الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            15784 وعن عطاء الخراساني قال : قدمت المدينة فسألت عمن يحدثني عن حديث ثابت بن قيس بن شماس ، فأرشدوني إلى ابنته ، فسألتها فقالت : سمعت أبي يقول : لما أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لا يحب كل مختال فخور " ، اشتد على ثابت ، وأغلق بابه عليه وطفق يبكي ، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليه [ ص: 322 ] فسأله ، فأخبره بما كبر عليه منها ، وقال : أنا رجل أحب الجمال وأن أسود قومي ، فقال : " إنك لست منهم ، بل تعيش بخير ، وتموت بخير ، ويدخلك الله الجنة " .

                                                                                            قال : فلما أنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - : ياأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول فعل مثل ذلك ، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليه ، فأخبره بما كبر عليه ، وأنه جهير الصوت ، وأنه يتخوف أن يكون ممن حبط عمله ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " بل تعيش حميدا ، وتقتل شهيدا ، ويدخلك الله الجنة "
                                                                                            .

                                                                                            فلما استنفر أبو بكر - رضي الله عنه - المسلمين إلى قتال أهل الردة ، واليمامة ، ومسيلمة الكذاب ، سار ثابت بن قيس فيمن سار ، فلما لقوا مسيلمة وبني حنيفة هزموا المسلمين ثلاث مرات ، فقال ثابت وسالم - مولى أبي حذيفة - : ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعلا لأنفسهما حفرة فدخلا فيها ، فقاتلا حتى قتلا .

                                                                                            قال : وأري رجل من المسلمين ثابت بن قيس في منامه ، فقال : إني لما قتلت بالأمس مر بي رجل من المسلمين فانتزع مني درعا نفيسة ، ومنزله في أقصى العسكر ، وعند منزله فرس يستن في طوله ، وقد أكفأ على الدرع برمة ، وجعل فوق البرمة رجلا ، فأت خالد بن الوليد فليبعث إلى درعي فليأخذها ، فإذا قدمت على خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعلمه : أن علي من الدين كذا وكذا ، وفلان من رقيقي عتيق ، وإياك أن تقول هذا حلم تضيعه .

                                                                                            قال : فأتى خالد بن الوليد فوجه إلى الدرع فوجدها كما ذكر ، وقدم على أبي بكر - رضي الله عنه - فأخبره ، فأنفذ أبو بكر - رضي الله عنه - وصيته بعد موته ، فلا نعلم أن أحدا جازت وصيته بعد موته إلا ثابت بن قيس بن شماس .

                                                                                            رواه الطبراني ، وبنت ثابت بن قيس لم أعرفها ، وبقية رجاله رجال الصحيح ، والظاهر أن بنت ثابت بن قيس صحابية ; فإنها قالت : سمعت أبي ، والله أعلم .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية