الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " إنه كان مخلصا " قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو ، وابن عامر، والمفضل عن عاصم: ( مخلصا ) بكسر اللام . وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم بفتح اللام . قال الزجاج: ( المخلص ) بكسر اللام: الذي وحد الله وجعل نفسه خالصة في طاعة الله غير دنسه، و( المخلص ) بفتح اللام: الذي أخلصه الله وجعله مختارا خالصا من الدنس .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " وكان رسولا " قال ابن الأنباري: إنما أعاد " كان " لتفخيم شأن النبي المذكور .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " وناديناه من جانب الطور " ; أي: من ناحية الطور، وهو جبل بين مصر ومدين اسمه زبير . قال ابن الأنباري: [ إنما ] خاطب الله العرب بما يستعملون في لغتهم، ومن كلامهم: عن يمين القبلة وشمالها، يعنون: مما يلي يمين المستقبل لها وشماله، فنقلوا الوصف إلى ذلك اتساعا عند انكشاف المعنى ; لأن الوادي لا يد له فيكون له يمين . وقال المفسرون: جاء النداء عن يمين موسى ; فلهذا قال: " الأيمن " ، ولم يرد به يمين الجبل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " وقربناه نجيا " قال ابن الأنباري: معناه: مناجيا، فعبر [ ص: 240 ] ( فعيل ) عن ( مفاعل )، كما قالوا: فلان خليطي وعشيري، يعنون: مخالطي ومعاشري . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: " وقربناه " ، قال: حتى سمع صريف القلم حين كتب له في الألواح .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " ووهبنا له من رحمتنا " ; أي: من نعمتنا عليه إذ أجبنا دعاءه حين سأل أن نجعل معه أخاه وزيرا له .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية