الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الركن الثاني :

                                                                                                                                                                        الصيغة ، فصريح الظهار : أنت علي كظهر أمي ، وفي معناه سائر الصلات ، كقوله : أنت معي أو عندي ، أو مني أو لي كظهر أمي . وكذا لو ترك الصلة فقال : أنت كظهر أمي ، وعن الداركي : أنه إذا ترك الصلة ، كان كناية ، لاحتمال أنه يريد : أنت محرمة على غيري ، والصحيح الأول ، كما أن قوله : " أنت طالق " صريح وإن لم يقل : مني ، ومتى أتى بصريح الظهار ، وقال : أردت غيره ، لم يقبل على الصحيح ، كما لو أتى بصريح الطلاق وادعى غيره ، وقيل : يقبل لأنه حق الله تعالى .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قوله : جملتك ، أو نفسك ، أو ذاتك ، أو جسمك ، أو بدنك علي كظهر أمي ، كقوله : أنت علي كظهر أمي ، وكذا قوله : أنت علي كبدن أمي أو جسمها ، أو ذاتها ، لدخول الظهر فيها .

                                                                                                                                                                        [ ص: 263 ] فرع

                                                                                                                                                                        إذا شبهها ببعض أجزاء الأم غير الظهر نظر ، إن كان ذلك مما لا يذكر في معرض الكرامة والإعزاز ، كاليد والرجل ، والصدر والبطن ، والفرج والشعر ، فقولان . أظهرهما وهو الجديد وأحد قولي القديم : أنه ظهار . وقيل : ظهار قطعا ، وقيل : التشبيه بالفرج ظهار قطعا ، والباقي على القولين . وإن كان مما يذكر في معرض الإعزاز والإكرام ، كقوله : أنت علي كعين أمي ، فإن أراد الكرامة ، فليس بظهار ، وإن أراد الظهار ، فظهار [ قطعا ] تفريعا على الجديد في قوله : كصدر أمي ، وإن أطلق ، فعلى أيهما يحمل ؟ وجهان . اختار القفال الإكرام ، والقاضي حسين ، أنه ظهار ، وأشار البغوي إلى ترجيحه ، والأول أرجح . ولو قال : كروح أمي ، فكقوله : كعين أمي ، قاله جماعة ، وعن ابن أبي هريرة ، أنه ليس بظهار ولا كناية ، والتشبيه برأس الأم كهو باليد والرجل ، وكذا قطع به العراقيون ، وقيل : كالعين ، وبه أجاب السرخسي ، وهو أقرب . ولو قال : أنت علي كأمي ، أو مثل أمي ، فإن أراد الظهار ، فظهار ، وإن أراد الكرامة ، فلا ، وإن أطلق ، فليس بظهار على الأصح ، وبه قطع كثيرون .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو شبه بعض الزوجة فقال : رأسك أو يدك ، أو ظهرك ، أو فرجك ، أو جلدك ، أو شعرك علي كظهر أمي ، أو نصفك ، أم ربعك علي كظهر أمي ، فهو ظهار ، ويجيء فيه القول القديم ، ولو شبه بعضها ببعضها فقال : رأسك علي كيد أمي ، فهو ظهار ، ويجيء فيه القديم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال الأصحاب : ما يقبل التعليق من التصرفات ، يصح إضافته إلى بعض محل [ ص: 264 ] ذلك التصرف ، كالطلاق ، والعتاق ، وما لا يقبله ، لا تصح إضافته إلى بعض المحل ، كالنكاح والرجعة . وأما الإيلاء ، فإن أضافه إلى الفرج فقال : لا أجامع فرجك ، كان مؤليا ، وإن أضاف إلى اليد والرجل وسائر الأعضاء غير الفرج ، لم يكن مؤليا ، وإن قال : لا أجامع بعضك ، لم يكن مؤليا ، إلا أن يريد بالبعض الفرج ، وإن قال : لا أجامع نصفك ، فقد أطلق الشيخ أبو علي ، أنه ليس بمؤل قال الإمام : إن أراد أنه ليس بصريح ، فظاهر ، أما إذا نوى ، ففيه احتمال ، لأن من ضرورة ترك الجماع في النصف تركه في الجميع ، ويجوز أن يجاب عنه .

                                                                                                                                                                        قلت : ولو قال : لا أجامع نصفك الأسفل ، فهو صريح في الإيلاء ، ذكره في " الوسيط " . والمراد بالفرج المذكور ، القبل . - والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية