الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 369 ] وقال شيخ الإسلام فصل قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها } إلى قوله : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إنما جعل الاستئذان من أجل النظر } . والنظر المنهي عنه هو نظر العورات ونظر الشهوات وإن لم تكن من العورات .

                والله سبحانه ذكر الاستئذان على نوعين . ذكر في هذه الآية أحدهما وفي الآيتين في آخر السورة النوع الثاني وهو استئذان الصغار والمماليك كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن } فأمر باستئذان الصغار والمماليك حين الاستيقاظ من النوم وحين إرادة النوم [ ص: 370 ] وحين القائلة ; فإن في هذه الأوقات تبدو العورات كما قال تعالى : { ثلاث عورات لكم

                } وفي ذلك ما يدل على أن المملوك المميز والمميز من الصبيان : ليس له أن ينظر إلى عورة الرجل كما لا يحل للرجل أن ينظر إلى عورة الصبي والمملوك وغيرهما .

                وأما دخول هؤلاء في غير هذه الأوقات بغير استئذان فهو مأخوذ من قوله تعالى { ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض } . وفي ذلك دلالة على أن الطوافين يرخص فيهم ما لا يرخص في غير الطوافين عليكم والطوافات والطواف من يدخل بغير إذن كما تدخل الهرة وكما يدخل الصبي والمملوك وإذا كان هذا في الصبي المميز فغير المميز أولى .

                ويرخص في طهارته كما قال ذلك طائفة من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم في الصبيان والهرة وغيرهم : أنهم إن أصابتهم نجاسة أنها تطهر بمرور الريق عليها ولا تحتاج إلى غسل ; لأنهم من الطوافين كما أخبر به الرسول في الهرة مع علمه أنها تأكل الفأرة ولم تكن بالمدينة مياه تردها السنانير ليقال طهر فمها بورودها الماء فعلم أن طهارة هذه الأفواه لا تحتاج إلى غسل فالاستئذان في أول السورة قبل دخول [ ص: 371 ] البيت مطلقا والتفريق في آخرها لأجل الحاجة لأن المملوك والصغير طواف يحتاج إلى دخول البيت في كل ساعة فشق استئذانه بخلاف المحتلم .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية