الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 287 ] وقسمه الشيخ أقساما . أحدها : زيادة تخالف الثقات فترد كما سبق ، الثاني : ما لا مخالفة فيه كتفرد ثقة بجملة حديث فيقبل ، قال الخطيب : باتفاق العلماء .

        الثالث : زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر رواته كحديث " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " . انفرد أبو مالك الأشجعي ، فقال : " وتربتها طهورا " . فهذا يشبه الأول ، ويشبه الثاني ، كذا قال الشيخ ، والصحيح قبول هذا الأخير ، ومثله الشيخ أيضا بزيادة مالك في حديث الفطرة " من المسلمين " ، ولا يصح التمثيل به فقد وافق مالكا عمر بن نافع والضحاك بن عثمان .

        التالي السابق


        وقد تنبه لذلك ابن الصلاح ، وتبعه المصنف حيث قال : ( وقسمه الشيخ أقساما ، أحدها : زيادة تخالف الثقات ) فيما رووه ، ( فترد كما سبق ) في نوع الشاذ .

        ( الثاني ما لا مخالفة فيه ) لما رواه الغير أصلا ، ( كتفرد ثقة بجملة حديث ) لا تعرض فيه لما رواه الغير بمخالفة أصلا ، ( فيقبل .

        [ ص: 288 ] قال الخطيب : باتفاق العلماء ) أسنده إليه ليبرأ من عهدته .

        ( الثالث زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر رواته ) ، وهذه مرتبة بين تلك المرتبتين ، ( كحديث ) حذيفة ( " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " .

        انفرد أبو مالك ) سعد بن طارق ( الأشجعي ، فقال : و ) جعلت ( تربتها ) لنا ( طهورا ) ، وسائر الرواة لم يذكروا ذلك ، ( فهذا يشبه الأول ) .

        والمردود من حيث إن ما رواه الجماعة عام ، وما رواه المنفرد المردود بالزيادة مخصوص ، وفي ذلك مغايرة في الصفة ، ونوع من المخالفة يختلف به الحكم ، ( ويشبه الثاني ) المقبول من حيث إنه لا منافاة بينهما ( كذا قال الشيخ ) ابن الصلاح .

        قال المصنف : ( والصحيح قبول هذا الأخير ) .

        [ ص: 289 ] قال : ( ومثله الشيخ أيضا بزيادة مالك في حديث الفطرة " من المسلمين " ) .

        ونقل عن الترمذي أن مالكا تفرد بها ، وأن عبيد الله بن عمر وأيوب وغيرهما ، رووا الحديث ، عن نافع ، عن ابن عمر بدون ذلك .

        قال المصنف : ( ولا يصح التمثيل به فقد وافق مالكا ) عليها جماعة من الثقات ، منهم : ( عمر بن نافع ) ، وروايته عند البخاري في صحيحه ، ( والضحاك بن عثمان ) ، وروايته عند مسلم في صحيحه .

        قال العراقي : وكثير بن فرقد ، وروايته في مستدرك الحاكم ، وسنن الدارقطني ، ويونس بن يزيد في بيان المشكل للطحاوي ، والمعلى بن إسماعيل في صحيح ابن حبان ، وعبد الله بن عمر العمري في سنن الدارقطني .

        قيل : وزيادة التربة في الحديث السابق ، يحتمل أن يراد بها الأرض من حيث هي أرض لا التراب ، فلا يبقى فيه زيادة ولا مخالفة لمن أطلق .

        وأجيب : بأن في بعض طرقه التصريح بالتراب ، ثم إن عدها زيادة بالنسبة إلى حديث حذيفة ، وإلا فقد وردت في حديث علي ، رواه أحمد ، والبيهقي بسند حسن .

        [ ص: 290 ] فائدة

        من أمثلة هذا الباب حديث الشيخين ، عن ابن مسعود : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي العمل أفضل ؟ قال : الصلاة لوقتها ، زاد الحسن بن مكرم ، وبندار في روايتهما : في أول وقتها ، صححها الحاكم وابن حبان .

        وحديث الشيخين ، عن أنس : أمر بلال أن يشفع الأذان ، ويوتر الإقامة ، زاد سماك بن عطية : إلا الإقامة ، وصححها الحاكم وابن حبان .

        وحديث علي : إن السه وكاء العين ، زاد إبراهيم بن موسى : فمن نام فليتوضأ .




        الخدمات العلمية