الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

801 - عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - ، قال في عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قالوا : فاعرض ، قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر ، ثم يقرأ ، ثم يكبر ويرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ، ثم يعتدل فلا يصبي رأسه ولا يقنع ، ثم يرفع رأسه فيقول : " سمع الله لمن حمده " ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا ، ثم يقول " الله أكبر " ، ثم يهوي إلى الأرض ساجدا ، فيجافي يديه عن جنبيه ، ويفتخ أصابع رجليه ، ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها ، ثم يعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا ، ثم يسجد ، ثم يقول " الله أكبر " ، ويرفع ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها ، ثم يعتدل حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ، ثم ينهض ، ثم يصنع في الركعة الثانية مثل ذلك ، ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة ، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته ، حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى ، وقعد متوركا على شقه الأيسر ، ثم سلم ، قالوا : صدقت هكذا كان يصلي . رواه أبو داود والدارمي ، ورواه الترمذي وابن ماجه معناه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

وفي رواية لأبي داود من حديث أبي حميد : ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ، ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه ، وقال : ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته الأرض ، ونحى يديه عن جنبيه ، ووضع كفيه حذو منكبيه ، وفرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه حتى فرغ ، ثم جلس ، فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى ، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى ، وأشار بأصبعه - يعني السبابة - وفي أخرى له : وإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ، ونصب اليمنى ، وإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة .

التالي السابق


الفصل الثاني

801 - ( عن أبي حميد الساعدي ) : مصغرا ( قال ) : أي : أوقع قوله الآتي أنا أعلمكم ( في عشرة ) : أي في محضر عشرة يعني بين عشرة أنفس وحضرتهم ( من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا أعلمكم بصلاة رسول الله ) : وفي نسخة صحيحة : بصلاة النبي ( - صلى الله عليه وسلم - قالوا : فاعرض ) : بهمزة الوصل ، أي : إذا كنت أعلم فاعرض ، في النهاية ، يقال : عرضت عليه أمر كذا ، أو عرضت له الشيء أظهرته وأبرزته إليه أعرض بالكسر لا غير ، أي : بين علمك بصلاته - عليه السلام - إن كنت صادقا فما تدعيه لنوافقك إن حفظناه وإلا استفدناه ( قال : كان النبي ) : وفي نسخة : رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما ) ، أي : بكفيه ( منكبيه ) : ويكون رءوس الأصابع بحذاء أذنيه ( ثم يكبر ) ، قال ابن حجر : ثم هنا بمعنى الواو لرواية البخاري السابقة حين يكبر ، وقدمت لأنها أصح وأشهر ، وفيه دليل على وجوب وقوع جميع تكبيرة الإحرام في القيام كما مر ( ثم يقرأ ) : ولعل القراءة هنا تعم التسبيح ودعاء الاستفتاح ، أو التقدير : ثم يأتي الافتتاح والتعوذ كما ثبت من روايات أخر ، ثم يقرأ الفاتحة ثم السورة كما ثبت من روايات أخر أيضا ( ثم يكبر ويرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ثم يركع ويضع راحتيه ) ، أي : كفيه ( على ركبتيه ) ، ويفرج أصابعه كل التفريج ، ولا يندب التفريج إلا في هذه الحالة ، ولا الضم إلا حال السجود وفيما سواهما ، وهو حال الرفع عند التحريمة والوضع في التشهد يترك على ما عليه العادة من غير تكلف ضم ولا تفريج ، كذا في شرح المنية ، ( ثم يعتدل ) ، أي : في الركوع بأن يسوي رأسه وظهره حتى يصيرا كالصفحة وتفسيره قوله ، ( فلا يصبي ) : بالتشديد ، أي : لا ينزل ( رأسه ) ، أي : عن ظهره ، في الغريبين : صبى الرجل رأسه يصبيه إذا خفضه جدا ، من صبا الرجل إذا مال إلى النساء ، في نسخة إلى الصبا ، في [ ص: 661 ] النهاية : وشدده للتكثير قلت : الظاهر أنه للتعدية ، وقال الأزهري : الصواب يصوب ، قلت : إذا صح صبى لغة ورواية ، فلا معنى لقوله والصواب ( ولا يقنع ) : من أقنع رأسه إذا رفع ، أي : لا يرفعه حتى يكون أعلى من ظهره ( ثم يرفع رأسه ) ، أي : إلى القامة بالاعتدال فيقول : " سمع الله لمن حمده " ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا ) : حال من فاعل يرفع ( ثم يقول : " الله أكبر " ثم يهوي ) ، أي : بعد شروعه في التكبير ، أي : ينزل ( إلى الأرض ساجدا ) ، أي : قاصدا للسجود ( فيجافي ) ، أي : يباعد في سجوده ( يديه ) ، أي : مرفقيه ( عن جنبيه ، ويفتخ ) : بالخاء المعجمة ( أصابع رجليه ) ، أي : يثنيها ويلينها فيوجهها إلى القبلة ، وفي النهاية ، أي : يلينها فينصبها ، ويغمز موضع المفاصل ويثنيها إلى باطن الرجل يعني حينئذ ، قال : وأصل الفتخ الكسر ، ومنه قيل للعقاب فتخ لأنها إذا انحطت كسرت جناحها .

قال ابن حجر : والمراد هنا نصبها مع الاعتماد على بطونها ، وجعل رءوسها للقبلة لخبر الصحيحين : أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ; على الجبهة ، وأشار بيده إلى أنفه ، واليدين ، والركبتين ، وأطراف القدمين ، ولخبر البخاري السابق : أنه - عليه السلام - سجد واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة ، ومن لازمها الاستقبال ببطونها والاعتماد عليها ، ( ثم يرفع رأسه ) ، أي : مكبرا ( ويثني ) : بفتح الياء الأولى ، أي : يعطف ( رجله اليسرى فيقعد عليها ثم يعتدل ) ، أي : جالسا ( حتى يرجع كل عظم في موضعه ) ، أي : يستقر فيه ، وفي نسخة صحيحة : إلى موضعه ، أي : يعود إليه ( معتدلا ) ، أي : في الجلوس ، وهو حال مؤكدة ، قال ابن حجر : فيه وجوب الجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه ، وفيه أنه لا دلالة على الوجوب فيه ( ثم يسجد ) ، أي : بعد التكبير ( ثم يقول : " الله أكبر " ويرفع ) ، أي : رأسه من السجدة الثانية ( ويثني رجله اليسرى ) ، أي : يعوجها إلى باطن الرجل ( فيقعد عليها ثم يعتدل ) : على ما في نسخة صحيحة ( حتى يرجع ) : أي يعود ( كل عظم إلى موضعه ) : قال ابن حجر : فيه ندب جلسة الاستراحة في كل ركعة لا تشهد فيها اهـ .

ويمكن حمله على العذر أو بيان الجواز ، للجمع بين الروايات ، ( ثم ينهض ) ، أي : يقوم ( ثم يصنع في الركعة الثانية مثل ذلك ) ، أي : مثل ما صنع في الركعة الأولى ، إلا ما استثني ( ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة ) : قال القاضي : لم يذكر الشافعي رفع اليدين عند القيام إلى الركعة الأخرى ، لأنه بنى قوله على حديث ابن شهاب ، عن سالم ، وهو لم يتعرض له ، لكن مذهبه اتباع السنة فإذا ثبت لزم القول به ، ذكره الطيبي ( ثم يصنع ذلك ) ، أي : ما ذكر من الكيفيات ( في بقية صلاته ) : ثنائية كانت أو غيرها ( حتى إذا كانت السجدة التي فيها ) ، أي : في عقبها ( التسليم أخر ) ، أي : أخرج كما في نسخة صحيحة ( رجله اليسرى ) : أي من تحت مقعدته إلى الأيمن ( وقعد متوركا على شقه الأيسر ) ، أي : مفضيا بوركه اليسرى إلى الأرض غير قاعد على رجليه ، قال الطيبي : التورك أن يجلس الرجل على وركه ، أي : جانب أليته ويخرج رجله من تحته ، ( ثم سلم ، قالوا ) : أي العشرة من الصحابة ( صدقت ) : أي [ ص: 662 ] فيما قلت ( هكذا كان ) ، أي : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( يصلي ، رواه أبو داود ) : وقال النووي : إسناده على شرط مسلم ، ورواه ابن حبان في صحيحه ، ذكره ميرك ( والدارمي ) ، أي : بهذا اللفظ ( وروى الترمذي ، وابن ماجه معناه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ) ، أي : حسن لذاته ، صحيح لغيره ، أو باعتبار إسنادين .

وفي رواية ، أي : أخرى ( لأبي داود من حديث أبي حميد ) : أيضا ( ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ، ووتر يديه ) ، أي : عوجهما من التوتير ، وهو جعل الوتر على القوس ( فنحاهما عن جنبيه ) : من نحى تنحية إذا أبعد يعني : مرفقيه عن جنبيه ، حتى كأن يده كالوتر وجنبيه كالقوس ، وفي النهاية ، أي : جعلهما كالوتر من قولك : وترت القوس وأوترته ، شبه يد الراكع إذا مدها قابضا على ركبتيه بالقوس إذا أوترت قال في الهداية : يعتمد بيديه على ركبتيه ناصبا ساقيه ، قال ابن الهمام : وإحناؤهما شبه القوس كما يفعله عامة الناس مكروه ، ذكره في روضة العلماء ، ( وقال : ثم سجد فأمكن ) ، أي : أقدر ( أنفه وجبهته الأرض ) : بنزع الخافض ، أي : منها ، وفي رواية : من الأرض ، أي : وضعهما على الأرض مع الطمأنينة ، وفي الهداية : إن اقتصر على أحدهما جاز عند أبي حنيفة ، أي : مع الكراهة ، وقالا : لا يجوز الاقتصار على الأنف إلا من عذر .

قال ابن الهمام : والمعتبر وضع ما صلب من الأنف لا ما لان ، وقال ابن حجر : فيه وجوب وضع الجبهة وكونها على الأرض ، أي : مكشوفة إن أمكن ووجوب التحامل عليها للخبر الصحيح : إذا سجدت فمكن جبهتك ولا تنقر نقرا ، قلت : لا دلالة في الحديثين على كشف الوجه أصلا فضلا عن وجوبه ، ثم قال : وصح أيضا أنهم شكوا إليه - عليه السلام - حر الرمضاء في جباههم وأكفهم ، فلم يزل شكواهم أي في المجموع ، من ثم لم يجب كشف اليدين والركبتين والرجلين لخبر ابن ماجه : أنه - عليه السلام - صلى في مسجد بني الأشهل ، وعليه كساء ملفع به يضع يديه عليه يقيه الحصا اهـ .

وفيه أن الحديث الأول لا دلالة فيه على مدعاه لإجماع أهل السنة أنه يجوز السجدة على السجادة ، فيحمل عدم إزالة الشكوى على عدم إجازة تأخير الظهر إلى آخر الوقت والله أعلم .

وأما قول ابن حجر : وحكمة وجوب كشف الجبهة دون بقية الأعضاء لسهولته فيها دون البقية ، وحصول مقصود السجود به ، وهو غاية التواضع والخضوع لمباشرة أشرف ما في الإنسان لمواطئ الأقدام والنعال ، فهو مشترك الدلالة بين الوجوب والسنية التي قلنا بها ، ثم قال : واكتفي ببعضها لمشقة وجوبها على كلها ، وفي حديث ضعيف أنه - عليه السلام - سجد على بعضها ، وبفرض صحته هو لبيان الجواز فلا ينافي قول الشافعي بكراهته ، وفى الحديث أيضا وجوب وضع أنفه ، وبه قال جماعة من الأئمة ، واحتج القائلون بعدم الوجوب كأصحابنا بحمل أخبار الأنف على الندب للأخبار الصحيحة المقتصرة على الجبهة ، ورده النووي بأن فيها زيادة ثقة ، ولا منافاة بينهما ( ونحى ) : بالتشديد ، أي : بعد ( يديه عن جنبيه ، ووضع كفه حذو منكبيه ) : قال ابن الهمام : في مسلم من حديث وائل بن حجر ، أنه - عليه السلام - سجد ووضع وجهه بين كفيه اهـ .

ومن يضع كذلك يكون يداه حذاء أذنيه ، فيعارض ما في البخاري من حديث أبي حميد ، أنه - عليه السلام - لما سجد وضع كفيه حذو منكبيه ، ويقدم عليه بأن فليح بن سليمان الواقع في سند البخاري ، وإن كان الراجح تثبيته ، لكنه قد تكلم فيه ، فضعفه النسائي ، وابن معين ، وأبو حاتم ، وأبو داود ، ويحيى بن القطان ، والساجي وقد جاء في أحاديث متعددة أنه كان يضع يديه حذاء أذنيه ، ولو قال قائل : إن السنة أن يفعل أيهما تيسر جمعا [ ص: 663 ] للمرويات بناء على أنه كان - عليه السلام - يفعل هذا أحيانا ، إلا أن بين الكفين أفضل ؛ لأن فيه من تخليص المجافاة المسنونة ما ليس في الآخر كان حسنا ، ( وفرج ) ، أي : فرق الرجل ( بين فخذيه غير حامل ) ، أي : غير واضع ( بطنه على شيء من فخذيه حتى فرغ ) ، أي : من سجوده ( ثم جلس ) ، أي : مطلقا وعند الشافعي : إذا جلس للتشهد الأول ( فافترش رجله اليسرى ) ، أي : جلس على بطنها ( وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ) ، أي : وجه أطراف أصابع رجله اليمنى إلى القبلة ، قاله الطيبي ، ونقل ميرك عن الأزهار ، أي : جعل صدر الرجل اليمنى مقابلا للقبلة ، وذلك بوضع باطن الأصابع على الأرض مقابل القبلة مع تحامل قليل في نصب الرجل ( ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى ، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى ، وأشار بأصبعه يعني السبابة ) : فعالة من السب ، فإن عادة العرب كانت عند السب والشتم الإشارة بالأصبع الذي يلي الإبهام ، قال ابن الهمام : وفي مسلم كان - عليه السلام - إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى ، وقبض أصابعه كلها ، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام ، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى ، ولا شك أن وضع الكف مع قبض الأصابع لا يتحقق حقيقة ، فالمراد والله أعلم وضع الكف ثم قبض الأصابع بعد ذلك عند الإشارة ، وهو المروي عن محمد في كيفية الإشارة ، قال : يقبض خنصره والتي تليها ، ويحلق الوسطى والإبهام ، ويقيم المسبحة ، وكذا عن أبي يوسف في الأمالي ، وهذا فرع تصحيح الإشارة ، وعن كثير من المشايخ لا يشير أصلا ، وهو خلاف الدراية والرواية ، وعن الحلواني : يقيم الأصبع عند : لا إله ، ويضعها عند : إلا الله ؛ ليكون الرفع للنفي ، والوضع للإثبات ، وينبغي أن تكون أطراف الأصابع على حرف الركبة لا مباعدة عنها .

قال ابن حجر : وفيه تفصيل بينه بقية الروايات ، وجرى عليه أئمتنا حيث قالوا : يسن وضع بطن كفيه على فخذيه قريبا من ركبتيه للاتباع ، رواه مسلم ، واستفيد منه أنه يسن رفع مسبحته اليمنى ، لكن مع انحنائها قليلا لخبر صحيح فيه إلى جهة القبلة لحديث فيه أيضا عند قوله : إلا الله للاتباع ، رواه مسلم وغيره ، وبه يخص عموم خبر أبي داود : كان يشير بأصبعه إذا دعا أو تشهد على أن التشهد حقيقة النطق بالشهادتين ، ويسن أن ينوي بإشارته حينئذ التوحيد والإخلاص فيه للاتباع ، رواه البيهقي بسند فيه مجهول ، ويسن أن لا يجاوز بصره إشارته للاتباع أيضا ، رواه أبو داود بسند صحيح ، ويكره عندنا تحريك المسبحة ؛ لأنه - عليه السلام - كان يتركه ، وقيل : يسن ؛ لأنه - عليه السلام - كان يفعله ، روى الخبرين البيهقي وصححهما ، ثم قال : ويحتمل أن يكون المراد بتحريكها في خبره رفعها لا تكرير تحركيها ، وهو احتمال ظاهر للجمع بين الحديثين ، وأما خبر " تحريك الأصابع مذعرة للشيطان " أي : منفرة له ، فضعيف .

( وفي أخرى له ) ، أي : في رواية أخرى لأبي داود ، وفي إسناد هذه الرواية عبد الله ابن لهيعة ، وفيه مقال ، نقله ميرك عن التخريج ( وإذا قعد في الركعتين ) ، أي : الأوليين ( قعد على بطن قدمه اليسرى ، ونصب اليمنى ، وإذا كان في الرابعة أفضى ) ، أي : أوصلها ( بوركه اليسرى إلى الأرض ) : أي : مس بما لان من الورك الأرض ، الجوهري : أفضى بيده إلى الأرض إذا مسها ببطن راحته ، ذكره الطيبي ، ( أخرج قدميه من ناحية واحدة ) : وهي ناحية اليمنى ، وإطلاق الإخراج على اليمنى تغليب ؛ لأن المخرج حقيقة هو اليسرى لا غير ، ذكره ابن حجر ، وفيه دليل للشافعي على سنية التورك في القعدة الثانية قاله ابن الملك ، وعندنا يحمل على وقوعه لعذر أو لبيان الجواز مع احتمال وقوعه بعد السلام .

[ ص: 664 ]



الخدمات العلمية