الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  351 24 - ( حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن سائلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في ثوب واحد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أولكلكم ثوبان ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، لأن السؤال فيه عن الصلاة في الثوب الواحد ، والجواب في الحقيقة أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة على ما تقرر عن قريب .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم خمسة قد ذكروا غير مرة ، ومالك هو ابن أنس ، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد والإخبار كذلك ، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر من أخرجه غيره ) أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك عن ابن شهاب إلى آخره نحوه ، وقال : حدثني حرملة بن يحيى قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني يونس ، وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث قال : حدثني أبي عن جدي قال : حدثني عقيل بن خالد كلاهما عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك والنسائي عن قتيبة بن سعيد عن مالك ، وأخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وهشام بن عمار كلاهما عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، وأخرجه الطحاوي من ستة طرق ، وأحمد ، والدارمي ، والبيهقي ، وروى ابن حبان هذا الحديث من طريق الأوزاعي عن ابن شهاب لكن قال في الجواب " ليتوشح به ثم ليصل فيه " وأخرجه أبو داود عن مسدد حدثنا ملازم بن عمرو الحنفي حدثنا عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه قال : " قدمنا على نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء رجل فقال : يا نبي الله ، ما ترى في الصلاة في الثوب الواحد ؟ قال : فأطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إزاره وطارق له رداء ، فاشتمل بهما ، ثم قام ، فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما أن قضى الصلاة قال : أوكلكم يجد ثوبين " ، وأخرجه الطبراني ، وفي روايته طابق . قوله : " طارق " من قولهم : طارق الرجل بين الثوبين إذا ظاهر بينهما أي : لبس أحدهما على الآخر ، وكذلك معنى طابق . وأخرج الطحاوي حديث طلق بن علي هذا من طريقين أحدهما نحو حديث أبي هريرة سواء .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) . قوله : " أن سائلا " ، وفي رواية الطحاوي عن أبي هريرة قال : " قام رجل فقال يا رسول الله ، أو نصلي في ثوب واحد ؟ قال : نعم ، فقال : أوكلكم يجد ثوبين " ، وفي رواية أبي شيبة عن أبي هريرة قال : " سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في الثوب الواحد ، فقال : أولكلكم ثوبان " ، وعلى كل تقدير السائل مجهول . قوله : " أولكلكم ثوبان " الهمزة فيه للاستفهام ( وقال الكرماني ) ( فإن قلت ) ما المعطوف عليه بالواو ؟ ( قلت ) مقدر ؛ أي : أأنت سائل عن مثل هذا الظاهر ، ومعناه : لا سؤال عن أمثاله ، ولا ثوبين لكلكم ، إذ الاستفهام مفيد لمعنى النفي بقرينة المقام ، وهذا التقدير على سبيل التمثيل ( قلت ) اللفظ وإن كان لفظ الاستفهام ولكن المعنى بالإخبار عما كان يعلمه - صلى الله عليه وسلم - من حالهم في العدم وضيق الثياب يقول : فإذا كنتم بهذه الصفة وليس لكل واحد منكم ثوبان ، والصلاة واجبة عليكم ، فاعلموا أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة ، وقال القاضي عياض : وقول النبي - صلى الله عليه وسلم : أولكلكم ثوبان ؟ أو يجد ثوبين ، صيغته صيغة الاستفهام ومعناه التقرير والإخبار عن معهود حالهم ، وفي ضمنه دليل على الرخصة ، وتنبيه على أن الثوب أفضل وأتم ، وهو المفهوم منه عند أكثر العلماء ( قلت ) ذهب الطحاوي والباجي أيضا إلى أن مفهومه التسوية بين [ ص: 65 ] الصلاة في الثوب الواحد مع وجود غيره وعدمه في الإجزاء ، وقال الخطابي : لفظه استخبار ، ومعناه الإخبار عن الحال التي كانوا عليها من ضيق الثياب والتقتير لما عندهم ، وقد وقعت في ضمنه الفتوى من طريق الفحوى ، كأنه استزادهم في هذا علما وفقها ، يقول : إذا كان ستر العورة واجبا على كل واحد منكم ، وكانت الصلاة لازمة له وليس لكل واحد منكم ثوبان فكيف لم تعلموا أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة ، وقال الطحاوي : لو كانت الصلاة مكروهة في الثوب الواحد لكرهت لمن لا يكون له إلا ثوب واحد ؛ لأن حكم الصلاة في الثوب الواحد لمن يجد ثوبين كهو في الصلاة لمن لا يجد غيره ، وقال بعضهم : وهذه الملازمة في مقام المنع للفرق بين القادر وغيره ، والسؤال إنما كان عن الجواز وعدمه ، لا عن الكراهة ( قلت ) أخذ هذا القائل صدر الكلام من كلام الطحاوي ، ثم غمز فيه ، ولو أخذ جميع كلامه لما كان يجد إلى ما قاله سبيلا



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية