الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب الرجل يعتمد في الصلاة على عصا

                                                                      948 حدثنا عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي حدثنا أبي عن شيبان عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف قال قدمت الرقة فقال لي بعض أصحابي هل لك في رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قلت غنيمة فدفعنا إلى وابصة قلت لصاحبي نبدأ فننظر إلى دله فإذا عليه قلنسوة لاطئة ذات أذنين وبرنس خز أغبر وإذا هو معتمد على عصا في صلاته فقلنا بعد أن سلمنا فقال حدثتني أم قيس بنت محصن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسن وحمل اللحم اتخذ عمودا في مصلاه يعتمد عليه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( قدمت الرقة ) بفتح الراء المهملة وفتح القاف المشددة بلد بالشام ( هل لك في رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي هل لك رغبة في لقائه ( قلت غنيمة ) أي فقلت نعم لقاؤه غنيمة ( فدفعنا ) أي ذهبنا ( نبدأ فننظر إلى دله ) قال في القاموس : الدل كالهدي وهما من السكينة والوقار وحسن المنظر ( فإذا عليه قلنسوة لاطئة ) أي لازقة بالرأس ملصقة به ( وبرنس خز ) قال ابن الأثير : الخز : ثياب تنسج من صوف وإبريسم وهي مباحة وقد لبسها الصحابة والتابعون وقال غيره : الخز اسم دابة ثم أطلق على الثوب المتخذ من وبرها وقال الترمذي : أصله من وبر الأرنب ويسمى ذكره الخز ، وقيل إن الخز ضرب من ثياب الإبريسم وقيل غير ذلك . والبرنس كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة [ ص: 168 ] أو جبة أو غيره ، ويجيء تحقيق لبس الخز في موضعه إن شاء الله تعالى ( أغبر ) أي كأن لونه لون التراب ( فقلنا ) أي في اعتماده على العصا في الصلاة ( لما أسن ) أي كبر ( وحمل اللحم ) أي ضعف أو كثر اللحم ( اتخذ عمودا في مصلاه يعتمد عليه ) فيه جواز الاعتماد على العمود والعصا ونحوهما لكن القيد بالعذر المذكور وهو الكبر وكثرة اللحم ويلحق بهما الضعف والمرض ونحوهما . قال العلامة الشوكاني في النيل : وقد ذكر جماعة من العلماء أن من احتاج في قيامه إلى أن يتكئ على عصا أو على عكاز أو يستند إلى حائط أو يميل على أحد جانبيه جاز له ذلك ، وجزم جماعة من أصحاب الشافعي باللزوم وعدم جواز القعود مع إمكان القيام مع الاعتماد ، ومنهم المتولي والأذرعي ، وكذا قال باللزوم ابن قدامة الحنبلي . وقال القاضي حسين من أصحاب الشافعي : لا يلزم ذلك ويجوز القعود . انتهى ملخصا .

                                                                      قلت : قد ثبت اعتماد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على العصا في صلاة التراويح ، فقد روى مالك في الموطأ عن السائب بن يزيد قال : " أمر عمر أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة ، فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصا من طول القيام فما كنا ننصرف إلا في فروع [ بزوغ ] الفجر " .




                                                                      الخدمات العلمية