الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو تقدم ) على إمامه ( بفعل كركوع وسجود ، فإن كان ) ذلك ( بركنين ) فعليين متواليين ( بطلت ) صلاته إن تعمد وعلم التحريم لفحش المخالفة ، فإن سها أو جهل لم يضر لا يعتد له بهما ، فإذا لم يعد للإتيان بهما مع الإمام سهوا أو جهلا أتى بعد سلام إمامه بركعة [ ص: 355 ] وإلا أعادها وصورة التقدم بهما أن يركع ويعتدل ثم يهوي للسجود مثلا ، والإمام قائم أو أن يركع قبل الإمام فلما أراد الإمام أن يركع رفع فلما أراد أن يرفع سجد فلم يجتمع معه في الركوع ولا في الاعتدال وفارق ما مر في التخلف بأن التقدم أفحش ومن ثم حرم بركن إن علم وتعمد بخلاف التخلف به ، فإنه مكروه ومن تقدم بركن سن له العود إن تعمد وإلا تخير ( وإلا ) بأن تقدم بركن فعلي أو بركنين قوليين أو قولي وفعلي كالفاتحة ، والركوع ( فلا ) تبطل ، وإن علم وتعمد لقلة المخالفة ( وقيل تبطل بركن ) تام مع العلم ، والتعمد لفحش التقدم بخلاف التأخر والكلام في غير التقدم بالسلام أي بالميم آخر الأولى فهو به مبطل ويفهمه بالأولى ما يأتي أنه لو تعمد المسبوق القيام قبل سلام إمامه بطلت وقول الأنوار أن هذا مبني على ضعيف أن التقدم بركن مبطل غير صحيح نقلا ومعنى ، فإذا أبطل القيام لما فيه من المخالفة الفاحشة فالسلام أولى ؛ لأنه أفحش .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن ولو تقدم بفعل ) أراد به الجنس ليتأتى التفصيل ( قوله : : فإن سها أو جهل ) ينبغي أن يقال فيما لو هوى للسجود مع الإمام ثم عاد الإمام للقيام أنه إن علم أنه عاد للفاتحة لعلمه بتركها أو شك فيه كأن أخبره معصوم أن عوده لذلك كان كمن تقدم بركنين سهوا أو جهلا حتى يجب العود إليه هنا إن أوجبناه هناك ، وإن لم يعلم أنه عاد لذلك انتظره لذلك ولا تجب نية المفارقة لاحتمال غلطه ويحتمل أن لا يجب العود أيضا في القسم الأول ويفارقه من تقدم بركنين سهوا أو جهلا بتقصير ذاك وتعديه في الواقع بخلاف هذا لا تقصير ولا تعدي منه لمتابعته الإمام فيما أتى به بل يحتمل أن يمتنع العود فيه كما لو انتصب مع الإمام تاركين التشهد الأول ثم عاد الإمام إليه وقد يفرق فليتأمل ( قوله : سهوا أو جهلا ) فيه إشارة إلى أنه يجب العودة إلى الإمام عند زوال السهو ، والجهل وهو قريب ويوجه بأن في السبق بهما فحش المخالفة ولهذا عللوا به البطلان عند التعمد ، والسبق سهوا أو جهلا إذا كان مع فحش اقتضى وجوب العود إلى الإمام كما لو ترك الإمام في التشهد الأول وانتصب سهوا أو جهلا ، فإنه يجب عليه العود بل قد يقال الوجوب هنا أولى ؛ لأن الفحش هنا أتم بدليل البطلان عند التعمد هنا لا ثم وقد قال شيخنا العلامة الشهاب البرلسي رحمه الله فيما نحن فيه ما نصه لو علم الحال بعد ذلك فظاهر وجوب عوده إلى الإمام بخلاف ما إذا سبقه بركن واحد سهوا ، فإنه مخير كما سيأتي على الأصح وقد يقال في [ ص: 355 ] الأولى الواجب عوده إلى الإمام أو إلى الركن الذي لا يبطل السبق إليه ولم أر في ذلك شيئا وعليه فلو هوى للسجود والإمام بعد في القيام ثم علم الحال جاز له العود إلى الاعتدال أو الركوع كما يجوز إلى القيام وهو محل نظر ا هـ وعوده إلى الاعتدال لا يظهر على طريق القاضي إذا لزم تطويله ( قوله : والإمام قائم ) هذا هو الأصح ( قوله : ومن ثم حرم بركن ) أي أو ببعضه كما بيناه بهامش أول الفصل .

                                                                                                                              ( قوله : ومن تقدم بركن سن له العود إن تعمد وإلا تخير ) ، فإذا عاد إليه هل يلغو الركوع الذي أتى به أو لا بل هو محسوب له وركوعه مع الإمام لمحض المتابعة حتى لو رفع منه قبل أن يطمئن المأموم لم يلزم الطمأنينة فيه نظر ، فإن قلت إذا عاد إلى الإمام صار هذا اعتدالا ويلزمه تطويله قلت لا نسلم أنه اعتدال له بل هو موافقة للإمام في قيامه ( قوله أي بالميم إلخ ) هذا يفيد أنه إذا سبق الإمام بما عدا الميم الأخيرة من التسليمة الأولى وتأخر بالميم عن تسليمة الإمام أو قارن آخرها بها لم يضر وفيه نظر فلينظر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( بفعل ) أراد به الجنس ليتأتى التفصيل سم قول المتن ( بركنين ) أي ولو غير طويلين مغني ( قوله : فعليين ) إلى قوله أو أن يركع في النهاية ، والمغني ( قوله : إن تعمد وعلم إلخ ) هل يلحق بالعالم الجاهل الغير المعذور فيه ما مر فليراجع بصري أي ومقتضى إطلاقهم هنا أنه من الجاهل لا يضر ، وإن كان غير معذور وكلامهم في مواطن كثيرة قاض بالتفصيل .

                                                                                                                              ( قوله : فإن سها أو جهل إلخ ) ينبغي أن يقال فيما لو هوى للسجود مع الإمام ثم عاد الإمام للقيام إنه إن علم أنه عاد للفاتحة لعلمه بتركها أو شكه فيها كأن أخبره معصوم أن عوده لذلك كان كمن تقدم بركنين سهوا أو جهلا حتى يجب العود هنا إن أوجبناه هناك أي كما يأتي ترجيحه ، وإن لم يعلم أنه لذلك انتظره سم أي في السجود .

                                                                                                                              ( قوله : سهوا أو جهلا ) فيه إشارة إلى أنه يجب العود إلى الإمام عند زوال السهو والجهل وهو قريب وعبارة شيخنا الشهاب البرلسي لو علم الحال بعد ذلك فظاهر وجوب عوده إلى الإمام بخلاف ما إذا سبقه بركن واحد سهوا ، فإنه مخير كما سيأتي على الأصح انتهى . ا هـ . سم وينبغي أخذا مما مر عنه في تذكر ترك الفاتحة في ركوعه قبل إمامه [ ص: 355 ] ومما يأتي عن ع ش في التقدم بركن تقييد الوجوب بما إذا لم يدركه الإمام قبل العود وإلا فيمتنع ( قوله : وإلا أعادها ) أي ، وإن لم يأت بالركعة أعاد الصلاة ( قوله : والإمام قائم ) هذا التصوير هو الأصح سم ونهاية ومغني ( قوله : أو أن يركع إلخ ) هذا التمثيل للعراقيين وهو ضعيف لأنه ليس فيه إلا السبق بركن أو بعضه بجيرمي وعبارة الكردي على شرح بافضل رجحه أي التصوير الثاني في شروحه على الإرشاد والعباب وفي الأسنى هو الأولى ورجح شرح المنهج والمغني ، والنهاية قياس التقدم على التأخر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفارق إلخ ) والمعتمد أنه لا فرق وأن التقدم ، والتأخر المضرين صورتهما واحدة وهي أن يسبق أو يتخلف المأموم بتمام ركنين فعليين بجيرمي وتقدم عن النهاية ، والمغني وسم ما يوافقه

                                                                                                                              ( قوله : ما مر ) أي من اعتبار التأخر بتمام ركنين فعليين بأن يفرغ الإمام منهما والمأموم فيما قبلهما ( قوله : حرم ) إلى قوله والكلام في النهاية ( قوله حرم بركن إلخ ) ويؤخذ من خبر { أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل رأس الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار } أن السبق ببعض ركن كأن ركع قبل الإمام ولحقه الإمام في الركوع أنه كالسبق بركن وهو كذلك كما جرى عليه الشيخ نهاية ومغني عبارة سم قوله بركن أي أو ببعضه كما بيناه بهامش أول الفصل . ا هـ . ( قوله : سن له العود إلخ ) أي ليركع معه مثلا ، وإذا عاد فهل يحسب له ركوعه الأول أو الثاني فيه نظر والأقرب أنه يحسب له ركوعه الأول إن اطمأن فيه وإلا فالثاني ثم على حسبان الأول ولو ترك الطمأنينة في الثاني لم يضر ولو لم يتفق له بعد عوده ركوع حتى اعتدل الإمام فهل يعود ويركع لوجوبه عليه بفعل الإمام أو لا ؛ لأنه كان لمحض المتابعة وفاتت فأشبه ما لو لم يتفق له سجود التلاوة مع إمام حتى قام فيه نظر ، والأقرب الثاني فيسجد مع الإمام .

                                                                                                                              ( فائدة ) قال حج في الزواجر عدنا مسابقة الإمام من الكبائر هو صريح ما في الأحاديث الصحيحة وبه جزم بعض المتأخرين ومذهبنا أن مجرد رفع الرأس قبل الإمام أو القيام أو الهوي قبله مكروه كراهة تنزيه ، فإن سبقه بركن كأن ركع واعتدل ، والإمام قائم لم يركع حرم عليه ولا يبعد أن يحمل الحديث على هذه الحالة وتكون هذه المعصية كبيرة انتهى أقول وقوله ومذهبنا أن مجرد رفع الرأس إلخ لا ينافي كون السبق ببعض الركن حراما لأنه لا يتحقق السبق ببعض الركن إلا بالانتقال من القيام مثلا إلى مسمى الركوع أو السجود ، والهوي من القيام وسيلة إلى الركوع أو السجود ، والرفع من السجود وسيلة إلى القيام أو الجلوس بين السجدتين فلم يصدق عليه أنه سبق بركن ولا ببعضه ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : بأن تقدم بركن فعلي إلخ ) أي أو بركنين فعليين غير متواليين كأن ركع ورفع قبل ركوع الإمام واستمر في اعتداله حتى لحقه الإمام فسجد معه ثم رفع قبله وجلس ثم هوى للسجدة الثانية فلا يضر ذلك لعدم تواليهما ع ش ( قوله : أي بالميم إلخ ) هذا يفيد أنه إذا سبق الإمام بما عدا الميم الأخيرة من التسليمة الأولى وتأخر بالميم عن تسليمة الإمام أو قارن آخرها به لم يضر وفيه نظر فلينظر سم عبارة ع ش قوله أي بالميم إلخ بل بالهمزة إن نوى عندها الخروج بها من صلاته . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فهو به ) أي التقدم بالسلام ( وقوله ويفهمه ) أي البطلان بذلك ( قوله : إن هذا ) أي البطلان بتعمد المسبوق القيام ( قوله : غير صحيح ) خبر وقول الأنوار إلخ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية