الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا [ 165 ]

                                                                                                                                                                                                                                        " من " في موضع رفع بالابتداء ، و " يتخذ " على اللفظ ، ويجوز في غير القرآن : يتخذون يحبونهم على المعنى ، ويجوز في غير القرآن : يحبهم ، وهو في موضع نصب على الحال من المضمر الذي في " يتخذ " ، وإن شئت [ ص: 276 ] كان نعتا لأنداد ، وإن شئت كان في موضع رفع نعتا لمن على أن " من " نكرة كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        فكفى بنا فضلا على من غيرنا حب النبي محمد إيانا



                                                                                                                                                                                                                                        والذين آمنوا أشد ابتداء وخبر حبا على البيان ولو يرى الذين ظلموا بالياء قراءة أهل مكة ، وأهل الكوفة ، وأبي عمرو ، وهي اختيار أبي عبيد . وقرأ أهل المدينة ، وأهل الشام : ( ولو ترى الذين ) بالتاء . وفي الآية إشكال وحذف ، زعم أبو عبيد أنه اختار القراءة بالياء ؛ لأنه يروى في التفسير أن المعنى : لو يرى الذين ظلموا في الدنيا عذاب الآخرة ؛ لعلموا أن القوة لله .

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : روي عن محمد بن يزيد أنه قال : هذا التفسير الذي جاء به أبو عبيد بعيد ، وليست عبارته فيه بالجيدة ؛ لأنه يقدر : ولو يرى الذين ظلموا العذاب ، وكأنه جعله مشكوكا فيه ، وقد أوجبه الله - عز وجل - . ولكن التقدير - وهو قول أبي الحسن الأخفش سعيد - : ولو يرى الذين ظلموا أن القوة لله ، و " يرى " بمعنى يعلم ، أي لو يعلمون حقيقة قوة الله ، فـ " يرى " واقعة على " أن " ، وجواب " لو " محذوف أي لتبينوا ضرر اتخاذهم الآلهة ، كما قال : ولو ترى إذ وقفوا على النار ولو ترى إذ وقفوا على ربهم ولم يأت للو [ ص: 277 ] جواب . قال الزهري وقتادة : الإضمار أشد للوعيد . قال أبو جعفر : ومن قرأ : ( ولو ترى ) بالتاء ؛ كان " الذين " مفعولين عنده وحذف أيضا جواب " لو " ، و ( أن ) في موضع نصب أي لأن القوة لله ، وأنشد سيبويه :


                                                                                                                                                                                                                                        وأغفر عوراء الكريم ادخاره     وأعرض عن شتم اللئيم تكرما



                                                                                                                                                                                                                                        أي لادخاره . وأجاز الفراء أن تكون " أن " في موضع نصب ، نصب على إضمار الرؤية . ومن كسر فقرأ : ( إن القوة لله وإن الله ) جعلها استئنافا ( جميعا ) نصب على الحال . وأن الله شديد العذاب عطف على " أن " الأولى .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية