الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      951 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدا فقال صلاته قائما أفضل من صلاته قاعدا وصلاته قاعدا على النصف من صلاته قائما وصلاته نائما على النصف من صلاته قاعدا [ ص: 172 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 172 ] ( أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الرجل ) ذكر الرجل خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له ، بل الرجل والمرأة في ذلك سواء ( وصلاته قاعدا على النصف من صلاته قائما ) قال الخطابي : إنما هو في التطوع دون الفرض لأن الفرض لا يجوز للمصلي قاعدا والمصلي يقدر على القيام ، وإذا لم يكن له جواز لم يكن لشيء من الأجر ثبات ( وصلاته نائما على النصف من صلاته قاعدا ) قال الخطابي في معالم السنن : لا أعلم أني سمعت هذه الرواية إلا في هذا الحديث ولا أحفظ عن أحد من أهل العلم رخص في صلاة التطوع نائما كما رخص فيها قاعدا ، فإن صحت هذه اللفظة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن من كلام بعض الرواة أدرجه في الحديث وقاسه على صلاة القاعد أو اعتبر بصلاة المريض نائما إذا لم يقدر على القعود فإن التطوع مضطجعا للقادر على القعود جائز كما يجوز للمسافر إذا تطوع على راحلته فأما من جهة القياس فلا تجوز أن يصلي قاعدا لأن القعود شكل من أشكال الصلاة وليس الاضطجاع في شيء من أشكال الصلاة . انتهى . وقال ابن بطال : وأما قوله من صلى نائما فله نصف أجر القاعد فلا يصح معناه عند العلماء لأنهم مجمعون أن النافلة لا يصليها القادر على القيام إيماء ، قال وإنما دخل الوهم على ناقل الحديث . وتعقب ذلك العراقي فقال : أما نفي الخطابي وابن بطال للخلاف في صحة التطوع مضطجعا للقادر فمردود ، فإن في مذهب الشافعية وجهين الأصح منهما الصحة وعند المالكية ثلاثة أوجه حكاها القاضي عياض في الإكمال أحدها الجواز مطلقا في الاضطرار والاختيار للصحيح والمريض . وقد روى الترمذي بإسناده عن الحسن البصري جوازه فكيف يدعي مع هذا الخلاف القديم والحديث - الاتفاق . ا هـ . قال الطيبي : وهل يجوز أن يصلي التطوع نائما مع القدرة على القيام أو القعود ؟ ، فذهب بعض إلى أنه لا يجوز ، وذهب قوم إلى جوازه وأجره نصف القاعد وهو قول الحسن وهو الأصح والأولى لثبوته في السنة . انتهى . قلت : من ذهب إلى الجواز هو الحق وهو الظاهر من الحديث والله تعالى أعلم . قال في النيل : واختلف شراح الحديث في الحديث هل هو محمول على التطوع أو على [ ص: 173 ] الفرض في حق غير القادر ، فحمله الخطابي على الثاني وهو محمل ضعيف ، لأن المريض المفترض الذي أتى بما يجب عليه من القعود والاضطجاع يكتب له جميع الأجر لا نصفه . قال ابن بطال : لا خلاف بين العلماء أنه لا يقال لمن لا يقدر على الشيء لك نصف أجر القادر عليه بل الآثار الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من منعه الله وحبسه عن عمله بمرض أو غيره يكتب له أجر عمله وهو صحيح . انتهى . وحمله سفيان الثوري وابن الماجشون على التطوع ، حكاه النووي عن الجمهور وقال : إنه يتعين حمل الحديث عليه انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية