الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1194 [ 1314 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا ابن أبي يحيى، عن إسحاق بن عبد الله، عن أبي وهب الجيشاني، عن أبي خراش، عن [الديلمي ] أو ابن [الديلمي] قال: أسلمت وتحتي أختان، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرني أن أمسك أيتهما شئت وأفارق الأخرى .

التالي السابق


الشرح

غيلان بن سلمة الثقفي، ذكر أبو عبد الله ابن منده أنه يعد في أهل الحجاز وأنه روى عنه: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعروة بن غيلان، وبشر بن عاصم، ونافع أبو السائب مولى غيلان، ولم يذكره البخاري في تاريخه .

وعوف بن الحارث: إما أبو حازم البجلي الكوفي والد قيس بن أبي حازم، وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنه: ابنه قيس.

وإما عوف بن الحارث بن الطفيل بن سخبرة بن [جرثومة] الأزدي.

[ ص: 402 ] وقد روى عن: عائشة، وأم سلمة، وابن الزبير.

سمع منه: عامر بن عبد الله، والزهري، وبكير بن الأشج. والله أعلم.

وأبو وهب الجيشاني ، روى عبد الرحمن بن أبي حاتم عن يحيى بن معين أن اسمه الهويشع بن الديلم، وعن أحمد بن حنبل أن اسمه الديلم بن الهوشع وأنه شامي، وأن جيشان من اليمن، وأنه روى عن: عبد الله بن عمرو، والضحاك بن فيروز.

وروى عنه: يزيد بن أبي حبيب.

وقال أبو عبد الله ابن منده في معرفة الصحابة: سمعت عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى يقول: أبو وهب الجيشاني اسمه عبيد بن [شرحبيل ] كذا سمعت شيوخنا بمصر، وسماه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين: ديلم بن الهويشع، قال ما قاله أهل مصر، ثم عد أبو عبد الله أبا وهب في باب الكنى من الصحابة وقال: يقال أن اسمه ديلم، وقد تقدم ذكره في باب الدال، ولم يورد في باب الدال ما يقتضي كونه من الصحابة.

وأبو خراش ذكر في بعض أسانيد الحديث نسبته إلى رعين، وذكر أنه روى عنه: أبو الخير مرثد بن عبد الله، وغيره .

وأما الديلمي أو ابن الديلمي ففي كتاب ابن منده أن ديلم بن [ ص: 403 ] فيروز الحميري الرعيني ممن وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه روى عنه: الضحاك وعبد الله ابناه، وأبو الخير مرثد بن عبد الله، وروى يحيى بن يحيى عن ابن لهيعة عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز عن أبيه أنه أسلم وتحته أختان فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يختار إحداهما.

ولا يتضح كل الوضوح أن صاحب القصة ديلم أو فيروز، وأن الواقعة كانت لواحد أو لاثنين.

وحديث غيلان بن سلمة رواه موصلا عن معمر كما رواه إسماعيل بن إبراهيم: سعيد بن أبي عروبة، ويزيد بن زريع، ومحمد بن جعفر غندر، وسفيان الثوري، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، وعيسى بن يونس، ويحيى بن أبي كثير، والفضل بن موسى السيناني، ورواه عبد الرزاق عن معمر فقال: عن الزهري أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يختار منهن أربعا.

فأرسله، كذلك رواه مالك بن أنس وابن عيينة عن الزهري.

ورواه يونس بن يزيد، عن الزهري عن محمد بن أبي سويد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لغيلان بن سلمة حين أسلم وتحته عشر نسوة: "اختر منهن أربعا وفارق سائرهن" .

ويؤيد الوصل أن سرار بن مجشر روى قصة غيلان بن سلمة عن أيوب، عن نافع وسالم، عن ابن عمر .

[ ص: 404 ] وحديث نوفل بن معاوية رواه الشافعي في غير هذا الموضع فقال: أخبرني من سمع ابن أبي الزناد.

وقوله: "وبعض أصحابنا" يريد أصحاب الحديث، وربما أطلقه وأراد مالكا، ويوافقها ما روي عن عروة بن مسعود قال: أسلمت وتحتي عشرة نسوة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اختر منهن أربعا وفارق سائرهن"، واخترت منهن أربعا، منهن ابنة أبي سفيان .

والحديث الأخير رواه يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز الديلمي، عن أبيه، وكذلك رواه ابن لهيعة عن أبي وهب كما قدمنا من غير توسيط أبي خراش وذكر أبي خراش من زيادة إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة .

وفي الأحاديث أن المشرك إذا أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن معه أو تخلفن وهن كتابيات; فإنه يختار منهن أربعا ويفارق البواقي، وإطلاق الحديث يدل على أنه لا فرق بين أن يكون قد نكحهن معا أو على التعاقب، وأنه إذا نكحهن على التعاقب يجوز له إمساك الأخريات، وكذلك لو أسلم على أختين يختار واحدة منهما، وبه قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: إن نكحهن معا فليس له إمساك واحدة منهن، وإن نكحهن على التعاقب فيمسك أربعا من الأوليات ويفارق الأخريات، وكذلك في الأختين .

[ ص: 405 ] الأصل




الخدمات العلمية