الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 653 ] 305

ثم دخلت سنة خمس وثلاثمائة

في هذه السنة ، في المحرم ، وصل رسولان من ملك الروم إلى المقتدر يطلبان المهادنة والفداء ، فأكرما إكراما كثيرا ، وأدخلا على الوزير وهو في أكمل أبهة ، وقد صف الأجناد بالسلاح ، ( والزينة التامة ) ، وأديا الرسالة إليه ، ( ثم إنهما دخلا على المقتدر ، وقد جلس لهما ، واصطف الأجناد بالسلاح والزينة التامة ، وأديا الرسالة ) ، فأجابهما المقتدر إلى ما طلب ملك الروم من الفداء ، وسير مؤنسا الخادم ليحضر الفداء ، وجعله أميرا على كل بلد يدخله يتصرف فيه على ما يريد إلى أن يخرج عنه ، وسير معه جمعا من الجنود ، وأطلق لهم أرزاقا واسعة ، وأنفذ معه مائة ألف وعشرين ألف دينار لفداء أسارى المسلمين ، وسار مؤنس والرسل ، وكان الفداء على يد مؤنس .

وفيها أطلق أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان ، وإخوته ، وأهل بيته من الحبس ، وكانوا محبوسين بدار الخليفة ، وقد تقدم ذكر حبسهم وسببه .

[ ص: 654 ] وفيها مات العباس بن عمرو الغنوي وكان متقلدا أعمال الحرب ( بديار مصر ) ، فجعل مكانه وصيف البكتمري ، فلم يقدر على ضبط ( العمل ، فعزل ، وجعل مكانه جني الصفواني ، فضبطه أحسن ضبط ) .

وفي هذه السنة كانت بالبصرة فتنة عظيمة ، وسببها أنه كان الحسن بن الخليل بن رمال متقلدا أعمال الحرب بالبصرة ، وأقام بها سنين ، وجرت بينه وبين العامة من مضر وربيعة فتن كثيرة ، وسكنت ، ثم ثارت بينهم فتنة اتصلت ، فلم يمكنه الخروج من منزله برحبة بني نمير ، واجتمع الجند كلهم معه ، وكان لا يوجد أحد منهم ( في طريق ) إلا قتل ، حتى حوصرت ، وغورت القناة التي يجري فيها الماء إلى بني نمير ، فاضطر إلى الركوب إلى المسجد الجامع ، فقتل من العامة خلقا كثيرا .

فلما عجز عن إصلاحهم خرج هو ومعه الأعيان من أهل البصرة إلى واسط ، فعزل عنها ، واستعمل أبو دلف هاشم بن محمد الخزاعي عليها فبقي نحو سنة وصرف عنها ، ووليها سبك المفلحي نيابة عن شفيع المقتدري .

( وفيها عقد لثمال الخادم على الغزاة في بحر الروم ، وسار ) [ ص: 655 ] وفيها غزا جني الصفواني بلاد الروم ، فغنم ونهب وسبى وعاد سالما [ الوفيات ]

وفي هذه السنة مات أبو خليفة المحدث البصري .

( وفيها ، في جمادى الأولى ، مات ) أبو جعفر بن محمد بن عثمان العسكري المعروف بالسمان ، ويعرف أيضا بالعمري ، رئيس الإمامية ، وكان يدعي أنه الباب إلى الإمام المنتظر ، وأوصى إلى أبي القاسم بن الحسين بن روح .

( وفي آخرها توفي أحمد بن محمد بن شريح وكان عالما بمذهب الشافعي ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية