الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : حتى إذا بلغ مغرب الشمس الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، من طريق عثمان بن أبي حاضر، أن ابن عباس ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية التي في سورة "الكهف" : (تغرب في عين حامية) . قال ابن [ ص: 663 ] عباس : فقلت لمعاوية : ما نقرؤها إلا : حمئة . فسأل معاوية عبد الله بن عمرو : كيف تقرؤها؟ فقال عبد الله : كما قرأتها . قال ابن عباس : فقلت لمعاوية : في بيتي نزل القرآن . فأرسل إلى كعب، فقال له : أين تجد الشمس تغرب في التوراة؟ فقال له كعب : سل أهل العربية فإنهم أعلم بها، وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين . وأشار بيده إلى المغرب . قال ابن أبي حاضر : لو أني عندكما أيدتك بكلام تزداد به بصيرة في : حمئة . قال ابن عباس : وما هو؟ قلت : فيما يأثر قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه بالعلم واتباعه إياه :


                                                                                                                                                                                                                                      قد كان ذو القرنين عمر مسلما ملكا تدين له الملوك وتحشد

                                                                                                                                                                                                                                          فأتى المشارق والمغارب يبتغي
                                                                                                                                                                                                                                      أسباب ملك من حكيم مرشد

                                                                                                                                                                                                                                          فرأى مغيب الشمس عند غروبها
                                                                                                                                                                                                                                      في عين ذي خلب وثأط حرمد



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 664 ] فقال ابن عباس : ما الخلب؟ قلت : الطين، بكلامهم . قال : فما الثأط؟ قلت : الحمأة . قال : فما الحرمد؟ قلت : الأسود . فدعا ابن عباس غلاما فقال : اكتب ما يقول هذا الرجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الترمذي ، وأبو داود الطيالسي، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن أبي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : " في عين حمئة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، والحاكم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ : " في عين حمئة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحافظ عبد الغني بن سعيد في "إيضاح الإشكال"، من طريق مصدع أبي يحيى، عن ابن عباس قال : أقرأنيه أبي بن كعب كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم : تغرب في عين حمئة مخففة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير من طريق الأعوج قال : كان ابن عباس يقرؤها : في [ ص: 665 ] عين حمئة . ثم فسرها : ذات حمأة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ : في عين حمئة . قال كعب : ما سمعت أحدا يقرؤها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس ، فإنما نجدها في التوراة : تغرب في حمأة سوداء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، من طريق عطاء، عن ابن عباس قال : خالفت عمرو بن العاصي عند معاوية في : حمئة ، و (حامية)؛ قرأتها : في عين حمئة . فقال عمرو : (حامية) . فسألنا كعبا فقال : إنها في كتاب الله المنزل : تغرب في طينة سوداء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من طريق ابن حاضر، عن ابن عباس قال : كنا عند معاوية، فقرأ : (تغرب في عين حامية) . فقلت له : ما نقرؤها إلا : في عين حمئة . فأرسل معاوية إلى كعب فقال : أين تجد الشمس تغرب في التوراة؟ قال : أما العربية فلا علم لي بها، وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 666 ] وأخرج سعيد بن منصور عن طلحة بن عبيد الله، أنه كان يقرأ : (في عين حامية) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق علي ، عن ابن عباس : (في عين حامية) . يقول : حارة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وابن منيع، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن مردويه ، عن عبد الله بن عمرو قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت فقال : "في نار الله الحامية، لولا ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، عن أبي ذر قال : كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار، فرأى الشمس حين غربت فقال : "أتدري أين تغرب؟" . قلت : الله ورسوله أعلم . قال : "فإنها تغرب في عين حامية" . غير مهموزة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 667 ] وأخرج سعيد بن منصور عن أبي العالية قال : بلغني أن الشمس تغرب في عين، تقذفها العين إلى المشرق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو يعلى ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في "العظمة"، وابن مردويه ، عن ابن جريج في قوله : ووجد عندها قوما . قال : مدينة لها اثنا عشر ألف باب، لولا أصوات أهلها لسمع الناس وجوب الشمس حين تجب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن صالح قال : كان يقال : لولا لغط أهل رومية سمع الناس وجبة الشمس حين تقع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال : لولا أصوات السافرة لسمع وجبة الشمس حين تقع عند غروبها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية