الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1707 [ 895 ] وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من أصبح منكم اليوم صائما ؟) .

                                                                                              قال أبو بكر : أنا ، قال : (فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟) قال أبو بكر : أنا ، قال : (فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟) قال أبو بكر : أنا . قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟ قال أبو بكر : أنا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة) .


                                                                                              رواه مسلم (1028) .

                                                                                              [ ص: 70 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 70 ] (17) ومن باب: أجر من أنفق شيئين في سبيل الله

                                                                                              قوله : ( من أنفق زوجين في سبيل الله ) ، هكذا وقع في هذا اللفظ في كتاب مسلم . ووقع في البخاري : (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله) .

                                                                                              [ ص: 71 ] وهذا نص في عموم كل شيء يخرج في سبيل الله . وقيل : يصح إلحاق جميع أعمال البر بالإنفاق . ويدل على صحة هذا بقية الحديث ; إذ قال فيه : ( من كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام ) .

                                                                                              " والزوج " : الصنف ، وكذلك قيل في قوله تعالى : وكنتم أزواجا ثلاثة قال ابن عرفة : كل شيء قرن بصاحبه فهو زوج . ويقال : زوجت الإبل : إذا قرنت واحدا بواحد . زاد الهروي في هذا الحديث : قيل : وما زوجان ؟ قال : " فرسان ، أو عبدان ، أو بعيران " .

                                                                                              و" الريان " : فعلان من الري على جهة المبالغة ، وسمي بذلك على جهة مقابلة العطشان ; لأنه جوزي على عطشه بالري الدائم في الجنة ، التي يدخل إليها من ذلك الباب .

                                                                                              وقوله : ( فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ) ; أي : من المكثرين لصلاة التطوع ، وكذلك غيرها من أعمال البر المذكورة في هذا الحديث ; لأن الواجبات لا بد منها لجميع المسلمين ، ومن ترك شيئا من الواجبات إنما يخاف عليه أن ينادى من أبواب جهنم ، فيستوي في القيام بها المسلمون كلهم ، وإنما يتفاضلون بكثرة التطوعات التي بها تحصل تلك الأهلية التي بها ينادون من [ ص: 72 ] تلك الأبواب .

                                                                                              ولما فهم أبو بكر رضي الله عنه هذا المعنى قال : فهل يدعى أحد من تلك الأبواب ؟ أي : هل يحصل لأحد من أهل الإكثار من تطوعات البر المختلفة ما يتأهل به لأن يدعوه خزنة الجنة من كل باب من أبوابها ؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : (نعم ، أنت منهم) ، فإنه رضي الله عنه كان قد جمع خصال تلك الأبواب كلها ، ألا ترى أنه قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآتي بعد هذا : (هل فيكم من أطعم اليوم مسكينا ؟) فقال أبو بكر : أنا ، [قال : (هل فيكم من عاد مريضا ؟) فقال أبو بكر : أنا ] . وقد تقدم الكلام على بعض نكت هذا الحديث .

                                                                                              وذكر مسلم في هذا الحديث من أبواب الجنة أربعة ، وزاد غيره بقية الثمانية ، فذكر فيها : باب التوبة ، وباب : الكاظمين الغيظ ، وباب : الراضين ، والباب الأيمن الذي يدخل منه من لا حساب عليه ، حكاه القاضي أبو الفضل .




                                                                                              الخدمات العلمية