الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إن يأجوج ومأجوج

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : أتينا نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما وهو [ ص: 671 ] في قبة آدم له، فخرج إلينا، فحمد الله، ثم قال : "أيسركم أنكم ربع أهل الجنة؟" . فقلنا : نعم يا رسول الله . فقال : "أيسركم أنكم ثلث أهل الجنة؟" . فقلنا : نعم يا نبي الله . قال : والذي نفسي بيده، إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، إن مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء في جنب ثور أسود، أو شعرة سوداء في جنب ثور أبيض، إن بعدكم يأجوج ومأجوج، إن الرجل منهم ليترك بعده من الذرية ألفا فما زاد، وإن وراءهم ثلاث أمم؛ منسك وتاويل وتاريس، لا يعلم عدتهم إلا الله" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه، من طريق عمرو البكالي، عن عبد الله بن عمرو قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء؛ فتسعة ومنهم الملائكة، وجزء واحد الجن والإنس، وجزأ الملائكة عشرة أجزاء؛ تسعة أجزاء منهم الكروبيون الذي يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وجزء واحد لرسالاته ولخزائنه وما يشاء من أمره، وجزأ الإنس والجن عشرة أجزاء؛ فتسعة منهم الجن، والإنس جزء واحد، فلا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة، وجزأ الإنس عشرة أجزاء؛ فتسعة منهم يأجوج ومأجوج، وجزء سائر الناس، والسماء ذات الحبك [الذاريات : 7] . قال : السماء السابعة، والحرم بحياله العرش .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 672 ] وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن أبي العالية، أن يأجوج ومأجوج يزيدون على الإنس الضعفين، وأن الجن يزيدون على الإنس كذلك، وأن يأجوج ومأجوج رجلان، اسمهما يأجوج ومأجوج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة قال : إن الله جزأ الإنس عشرة أجزاء؛ فتسعة منهم يأجوج ومأجوج، وجزء سائر الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في "العظمة"، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : صورت الدنيا على خمس صور، على صورة الطير برأسه والصدر والجناحين والذنب؛ فالمدينة ومكة واليمن الرأس، والصدر مصر والشام، والجناح الأيمن العراق، وخلف العراق أمة يقال لها : واق . وخلف واق أمة يقال : وقواق . وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله، والجناح الأيسر السند، وخلف السند الهند، وخلف الهند أمة يقال لها : ناسك . وخلف ناسك أمة يقال لها : منسك . وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس، وشر ما في الطير الذنب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ في "العظمة" عن عبدة بن أبي لبابة، أن الدنيا سبعة أقاليم؛ فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم، وسائر الناس في إقليم واحد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 673 ] وأخرج ابن جرير عن وهب بن جابر الخيواني قال : سألت عبد الله بن عمرو عن يأجوج ومأجوج : أمن بني آدم هم؟ قال : نعم، ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله؛ تاويل وتاريس ومنسك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلغون ما شاءوا، ونساء يجامعون ما شاءوا، وشجر يلقحون ما شاءوا، ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن حسان بن عطية قال : يأجوج ومأجوج أمتان، في كل أمة أربعمائة ألف أمة، لا تشبه واحدة منهم الأخرى، ولا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين من ولده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن كعب قال : خلق يأجوج ومأجوج ثلاثة أصناف؛ صنف أجسامهم كالأرز، وصنف أربعة أذرع طول، وأربعة أذرع عرض، وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون الأخرى، يأكلون [ ص: 674 ] مشائم نسائهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن خالد الأشج قال : إن بني آدم وبني إبليس ثلاثة أثلاث؛ فثلثان بنو إبليس، وثلث بنو آدم، وبنو آدم ثلاثة أثلاث؛ فثلثان يأجوج ومأجوج، وثلث سائر الناس، والناس بعده ثلاثة أثلاث؛ ثلث الأندلس، وثلث الحبشة، وثلث سائر الناس، العرب والعجم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة، فسد ذو القرنين على إحدى وعشرين قبيلة، وكانت قبيلة منهم غازية؛ وهم الأتراك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الترك فقال : هم سيارة ليس لهم أصل، هم من يأجوج ومأجوج، لكنهم خرجوا يغيرون على الناس، فجاء ذو القرنين فسد بينهم وبين قومهم، فذهبوا سيارة في الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن حسان بن عطية قال : إن يأجوج ومأجوج خمس وعشرون أمة، ليس منها أمة تشبه الأخرى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي المثنى الأملوكي قال : إن الله ذرأ لجهنم يأجوج ومأجوج، لم يكن فيهم صديق قط، ولا يكون أبدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، عن عبد الله بن سلام قال : ما مات رجل [ ص: 675 ] من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذري لصلبه فصاعدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : يأجوج ومأجوج شبر وشبران، وأطولهم ثلاثة أشبار، وهم من ولد آدم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، والطبراني ، وابن مردويه ، والبيهقي في "البعث"، وابن عساكر ، عن ابن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم، ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا، وإن من ورائهم ثلاث أمم؛ تاويل وتاريس ومنسك" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عمرو قال : الجن والإنس عشرة أجزاء؛ فتسعة أجزاء يأجوج ومأجوج، وجزء واحد سائر الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج النسائي ، وابن مردويه ، من طريق عمرو بن أوس، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاءوا، وشجر يلقحون ما شاءوا، ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا" .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 676 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وابن عدي، وابن عساكر ، وابن النجار، عن حذيفة قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يأجوج ومأجوج فقال : "يأجوج أمة ومأجوج أمة، كل أمة بأربعمائة ألف أمة، لا يموت رجل منهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه، كل قد حمل السلاح" . قلت : يا رسول الله، صفهم لنا . قال : "هم ثلاثة أصناف؛ صنف منهم أمثال الأرز" . قلت : وما الأرز؟ قال : "شجر بالشام، طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء" . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد، وصنف منهم يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى، لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه، ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج نعيم بن حماد في "الفتن"، وابن مردويه ، بسند واه، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج ومأجوج، فدعوتهم إلى دين الله وعبادته، فأبوا أن يجيبوني، فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وولد إبليس" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، عن أبي بكرة الثقفي، أن رجلا قال : يا رسول الله، قد رأيت سد يأجوج ومأجوج . قال : "انعته لي" . قال : كالبرد [ ص: 677 ] المحبر، طريقة سوداء وطريقة حمراء . قال : "قد رأيته" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والترمذي وحسنه، وابن ماجه ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي في "البعث"، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا، فستفتحونه غدا . فيعودون إليه كأشد ما كان، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا، فستفتحونه غدا إن شاء الله . ويستثني، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس، فيستقون المياه، ويتحصن الناس منهم في حصونهم، فيرمون بسهامهم إلى السماء، فترجع مخضبة بالدماء، فيقولون : قهرنا من في الأرض، وعلونا من في السماء قسرا وعلوا . فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيهلكون" . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فوالذي نفس [ ص: 678 ] محمد بيده، إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ، ومسلم ، عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول : "لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه" . وحلق، قلت : [276و] يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : "نعم، إذا كثر الخبث" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والبخاري ، ومسلم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه" . وعقد بيده تسعين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية